توجيهات حسينية
رضي منصور العسيف
كلمات وتوجيهات أهل البيت عليهم السلام هي نور يضيء الحياة، وهي أجمل حكم الحياة، وهي علاج للكثير من المشاكل التي نعاني منها.
ومن الواجب علينا أن نسعى لأن ننشر كلماتهم بين الناس ففي ذلك إحياء لأمرهم فـعن الهروي قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: رحم الله عبد أحيا أمرنا فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا (1).
كما ينبغي علينا أن نتأمل في كلماتهم ونقتبس منها تلك الأفكار البناءة، تلك التوجيهات الهادفة لبناء الإنسان.
وفي هذا المقال أنقل لكم ثلاث كلمات (توجيهات) حسينية تهدف إلى احترام حقوق الإنسان وعدم التعدي عليها:
الغيبة جهد العاجز
قال الإمام الحسين عليه السلام لرجل اغتاب عنده رجلا: يا هذا كف عن الغيبة فإنها إدام كلاب النار (2).
أول الذنوب التي ثبت أنها من الكبائر بدليل الوعيد عليها بالعذاب في القرآن المجيد والروايات الكثيرة هو (الغيبة) يقول تعالى: “وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ” الحجرات /12
الغيبة هي أن تذكر أخاك الغائب بما يكره، وهذا العمل مع صغره إلا أن نتائجه وخيمة، فهو تشويه لشخصية الغائب، والغيبة هي رسول الشر بين البشر كما قال مصطفى لطفي المنفلوطي.
لذا نجد التحذير من التعود على هذا العمل، حيث يقول الإمام علي (عليه السلام): لا تعود نفسك الغيبة، فإن معتادها عظيم الجرم (3).
وتذكر انه: “ليس من الحرية الأدبية أن تقول في الغائبين شيئا لا تجرؤ أن تقوله لهم وهم حاضرون”. كما قال جان جاك روسو.
الحذر من الظلم الاجتماعي
قال لابنه علي بن الحسين عليهما السلام: أي بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله جل وعز (4).
الظلم هو عبارة عن تجاوز حدود الله، ومخالفة ما أقره الشرع والعقل. وهو على قسمين:
1) تجاوز حدود الله مع نفسه.
2) تجاوز حدود الله مع الآخرين: وذلك بإيذاء الغير وإيلامه في نفسه كضربه، أو في كرامته كشتمه، أو غيبته واتهامه، أو في أخذ ماله..(5)
ولكن ثمّة نوعاً خفياً يتساهل فيه كثير من الناس ويخفى عليهم، وينتشر في بعض البيئات المحافظة الا وهو الظلم الاجتماعي ومن صوره:
ميل الوالد لبعض ولده.
جفاء الأخوة لأخيهم أو أختهم.
ظلم الزوج لزوجته أو العكس.
ظلم أم الزوج للزوجة.
جفاء الزوجة لأم زوجها.
ويمكن القول أن الظلم رأس المعاصي: فـ “إذا ظلم الرجل زوجته، ظلمت الزوجة ابناءها، وإذا ظلمت المرأة أبناءها، ظلم الأبناء بعضهم بعضاً، وإذا فعلوا ذلك ظلموا الجيران، وانتشر الظلم بين الجميع. فالظلم كالظلام، ما إن يقع في مكان حتى يعم كل مكان” (6).
إياك وما تعتذر منه
قال الإمام الحسين عليه السلام: إياك وما تعتذر منه، فإن المؤمن لا يسيء ولا يعتذر. والمنافق كل يوم يسيء ويعتذر (7).
بسبب موقف ما قد يتصرف البعض منا تصرفات اندفاعية دون أي تفكير في العواقب وما تحدثه من آلام للآخرين، وقد تتطور للهجران وسوء العلاقات الاجتماعية.
مجرد إساءة وتكرار الإساءة تجعل الانسان يصارع نفسه لأن يقدم خطاب الاعتذار والمسامحة…
لذا إياك ان تعرض نفسك لتقديم الاعتذار لآخر، وذلك بان تحرص على عدم الاساءة اليه لأنك عندما تسيئ اليه فلابد من ان تعتذر وعندها سوف يكون الفضل له لا لك إن قبل اعتذارك وإذا لم يقبله منك تكون مهزوماً مرتين أولا لخطأك والثاني لرده لك على اعقابك..
إن المؤمن هو الذي يفكر جيداً في سلوكياته ويضبط انفعالاته (اللفظية) ويبقى قوياً ومسيطراً على تلك الانفعالات.
الهوامش:
1 ) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٢ – الصفحة ٣٠
2 ) تحف العقول ص 176
3 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٣٢٨
4 ) تحف العقول ص 177
5 ) الذنوب الكبيرة ج2 ص 38
6 ) طرق مختصرة إلى المجد ج 6 ص 16
7 ) تحف العقول ص 179