مقالات

أفضل مشروع !

رضي منصور العسيف

(1)
سألني أخي هل تعرف هذين الشابين؟!
أجبته لا.. لا أعرفهما..
ابتسم وقال هذين كانوا معنا في برنامج تعليم الصلاة وكانا في الصف الأول الإبتدائي..
قال لي أحدهما كيف حالك أستاذ ألا تذكرنا… أنا السيد مهدي وهذا أخي سيد جواد…
نظرت لهما جيدًا ثم قلت… صحيح لقد تذكرتكما… لقد مضت أكثر من عشر سنوات…
فقال أخي: الآن هما معنا في البرنامج ولكنهما مدرسين لمادة القرآن… لقد درسا علوم وتجويد القرآن وتخرجا… وهما الآن يقيما دورات قرآنية…
عرفت بعد ذلك أن والدهما اهتم بهما وألحقهما بالدورات القرآنية حتى أصبحا من حملة القرآن.. فقلت هذا ينطبق عليه ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): من علم ولدا له القرآن قلده الله قلادة يعجب منها الأولون والآخرون يوم القيامة (1).

(2)
نقل لي أحد الأصدقاء أن طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات… كانت تلبس العباءة.. ذهبت لتلعب مع الأطفال في ركن الأطفال في أحد المجمعات التجارية… واذا بطفلة أخرى تقول لها: لا تلعبي معنا…
سألتها لماذا؟!
قالت لأنك تلبسي عباءة…
قالت لها وهل هذا يضايقك؟!
قالت نعم.. اذا أردت أن تلعبي معنا اخلعي عباءتك…
أجابتها قائلة: سأحتفظ بعباءتي وأدع لك اللعب …

نعم نحن بحاجة إلى هذا المشروع وهو (بناء الولد الصالح) وذلك من خلال النقاط التالية:

الالتزام الديني منذ الصغر
إن تعويد الطفل منذ صغره على القيم والتعاليم الدينية يشكل أساس تكوين شخصيته، وهو ضمانة لاستقامة مسيرته بعون الله.
ولذا نجد الحث على هذا العمل في كلمات أهل البيت (عليهم السلام): روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن (2).
وعن الإمام علي (عليه السلام): علموا صبيانكم الصلاة، وخذوهم بها إذا بلغوا الحلم (3).

تربية الأولاد على الروحانيات
إن إعداد برامج روحية من شأنها أن تصقل نفسية ومشاعر الطفل على حب الله، وبالتالي تعمل هذه البرامج على تصفية نفسية الطفل من الرواسب السلبية وتشحنه بحب الخير وحب المجتمع.
لذلك فإن اصطحاب الأطفال للمساجد ومجالس أهل البيت (عليهم السلام) من شانه أن يكرس في نفسية الطفل حب هذه البيئة الإيجابية وينطلق منها في صيانة نفسيته وحفظها من الزلات.
لذلك لتكن لبرامج الروحانيات حضوراً في منازلنا: صوت القرآن، الأدعية، الزيارات والمحاضرات الإسلامية، كما أن عقد دروس منزلية والتدبر في القرآن ونهج البلاغة وتخصيص وقتاً للقراءة من شأنه أن يشحن نفسية الأطفال بهذه الطاقة الروحية.
ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده (4).

القدوة الحسنة
إن القدوة الحسنة قد تغني عن المواعظ المؤثرة والخطب الرنانة والكتب المطبوعة والكلمات المنمقة، ولذلك فليس هناك من شيء يسارع في دفع الأبناء للالتزام الديني، وتقوية العلاقة بالإيمان والفرائض الإسلامية بأفضل من أن يكون الأبوان القدوة والمثل الأعلى لأبنائهما.
وفي هذا الصدد نذكر ما ورد عن الحسين بن علي، عن أخيه الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: رأيت أمي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها يا أماه لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت يا بني: الجار ثم الدار(5).

وكم هي سعادة الإنسان عندما يشاهد طفله وهو يرتل القرآن، أو يرى ابنته وهي تلتزم بالحجاب الكامل، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سعادة الرجل الولد الصالح (6).

الهوامش:
1 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٥٢٢
2 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٤ – الصفحة ٣٦٨٠
3 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٤ – الصفحة ٣٦٨١
4 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٥٢٢
5 ) علل الشرائع – الشيخ الصدوق – ج ١ – الصفحة ١٨٢
6 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٣٠٤

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى