مقالات

الحسيني الصغير

الحسيني الصغير
رضي منصور العسيف

عاشوراء الحسين عليه السلام هي مدرسة الأجيال، تبعث فيهم الروح والحياة، ترسخ فيهم مبادئ الدين والدروس التربوية، تناقش القضايا المعاصرة وتضع الحلول لأهم التساؤلات الفكرية والأخلاقية وغيرها، عاشوراء هي مدرسة الإصلاح.
ولذلك يجتهد الخطباء والمفكرون لأجل طرح ومناقشة أهم القضايا في هذا الموسم، وكل خطيب له آليته في هذا الموسم فمن يثير العَبرة والدمعة يعي أن هذا الأسلوب له تأثيره في إصلاح المجتمع، ومن يكون خطابه فكرياً فإن له تأثيره الإصلاحي أيضًا.
وبجانب هذه المجالس الخاصة (للكبار، الرجال والنساء) ينبغي الاهتمام بفئة (الأطفال) فتكون لهم برامج خاصة تتناسب مع عقليتهم، وتهدف إلى بناء شخصياتهم على القيم والمبادئ الحقة، فينشأ الطفل الحسيني الواعي.
وهنا أود أن أذكر بعض النقاط في سبيل بناء طفل حسيني:

برنامج الحسين قدوتي
علينا ان نقدم الأمثلة والقصص عن القدوة الحسنة في سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)، فهو قدوة وأسوة في الجانب العبادي منذ صغره وفي هذا الصدد يروى أنه في “ذات يوم اصطفّ المسلمون لإقامة صلاة الجماعة يَؤمُّهم الرسول الأعظم، وإلى جانبه حفيده الحبيب الحسين عليه ‌السلام، ولما تهيّأ القوم للتحريم، كان الخشوع مستولياً على القلوب، والهدوء سائداً على الجو، والكلّ ينتظرون أنْ يُكَبِّر الرسول صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله فَيُكَبِّروا معه، فإذا هم بصوته الخاشع الوديع يكسر سلطان السكوت ويقول: «اللهُ أكبر».
وإذا بصوت ناعم خافت يشبه تماماً صوت النّبيِّ صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله بكلّ نغماته ونبراته، وما فيه من خشوع ووداعة يقول: «اللهُ أكبر». إنّه صوت الحسين عليه ‌السلام”(1).
وهكذا علينا أن نبحث عن تلك المشاهد والمواقف الحسينية ونستخرج منها العبر التي تترسخ في عقلية أطفالنا.

برنامج لماذا؟
قد يتساءل بعض الأطفال عن بعض الممارسات كاللطم أو البكاء في المجالس الحسينية، وعلينا أن نوضح لهم بالأدلة الواردة عن أهل البيت عليهم السلام حقيقة هذه الممارسات وصحتها، وعلى سبيل المثال لماذا البكاء على الحسين عليه السلام؟
دليل ذلك ما ورد في كتاب الصواعق المحرقة أنه: “مرّ الإمام علي (عليه السلام) بكربلاء عند مسيره إلى صفين، وحاذى نينوى، فوقف وسأل عن اسم الارض؟ فقيل: كربلاء، فبكى حتى بلّ الارض من دموعه، ثم قال: «دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك ـ بأبي أنت وأمي ـ؟ قال: كان عندي جبرائيل آنفاً، وأخبرني أن ولدي الحسين يقتل بشاطئ الفرات، بموضع يقال له كربلاء…» (2).
وهكذا بقية التساؤلات والممارسات العاشورائية علينا أن نوضحها بطريقة مناسبة لعقلية الطفل واستيعابه.

المخيم الحسيني
ويتضمن هذا المخيم عدة فقرات منها التصوير الحسيني، التلوين، والحكايا الحسينية عن أبطال عاشوراء كالقاسم بن الحسن وأخوته، الرسوم المتحركة الحسينية، والعزاء الحسيني، وقراءة زيارة الإمام الحسين وغيرها.
أضافة للمسابقات التنافسية فهي ترسخ المعلومات الحسينية.
كما يمكن أن ندرب أطفالنا على دورات إدارة المجالس الحسينية من حيث فن التعامل كالاستقبال الحسن، وحسن الضيافة، والنظافة، وشكر الحضور بكلمات حسينية (اثابكم الله) وغيرها.
علينا أن نهتم بهذا الموسم ليكون موسم بناء عقلية سليمة، وبرنامج تربوي وسلوكي يتخرج منه أطفالنا بمجموعة قيم إسلامية تسهم في المحافظة على شخصياتهم في ظل هذه المتغيرات المتسارعة.
وأخيراً علموا أولادكم حب الحسين عليه السلام كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله (أَحَبَ اللَّهُ مَنْ أَحَبَ حُسَيْنا) (3) فحبه عزة وإباء وبركة ونماء.

الهوامش:
1 ) النبي وأهل بيته قدوة وأسوة، ص 317
2 ) الصواعق المحرقة 2 / 566
3 ) كامل الزيارات، ص52

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى