دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي عظم مقامه وعلا شأنه وجل جلاله وكبر ذكره وشاع اسمه وفشى معروفه والصلاة والسلام على خير بني الانسان ورسول الانس والجان المذكور بعد ذكر الرحمن طه الامين وحبيب رب العالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين
(عظيمًا لا صعلوكًا)
قال الرسول الاعظم محمد (ص)(ما الصعلوك فيكم؟ قالوا: الرجل الذي لا مال له. فقال (ص) : بل الصعلوك حق الصعلوك من لم يقدم من ماله شيئًا يحتسبه عند الله وان كان كثيرًا من بعده)
العظيم او العظماء والصعلوك او الصعاليك
فريقان وجهتان كل له صفات وخصال بها يعرف ويعلم وعليه يكون الاعتبار والنظر وقد ورد في الحديث المبارك (المرء حيث وضع نفسه)
فالعظيم كل العظيم من يمتلك ويحوز من الصفات والخصال العظيمة والسجايا الكريمة مما تجعله عظيمًا ورفيعًا وخلاف ذلك من يكون فاقدًا ومنزوعًا من تلك المواصفات وبالتالي يكون فاقدًا لمقام العلو والشموخ وهذا انما يتأتى ويكون على حسب المرء وتقديره وقراره
فاذا ماعزم وقرر ان يكون عظيمًا ينتهي الى ذلك ولو بعد حين
ومن تملص وتخلف فإنما ينحدر الى مالا يرضى ويحب من نظر وتقدير فبمقدور المرء ان يكون في صفاف العظماء والكبار بقراره وعزمه وجده واجتهاده وبذله وعطائه وكذلك بخموله وتقهقره وانحباسه وانقباضه ينتهي به الامر ان يكون من قائمة الصعاليك والصغار وان تراءى في ذاته او في بعض النفوس انه عظيمًا
وماجرى ويجري في نفوس من الناس ان العظيم من يمتلك ويحوز على واسع من المال والثروة والقوة والقدرة والبسط والسلطان ولكن الواقع والحق غير ذلك اذا لم يكن من هذا المال والسلطان للخلق منه شيء ولا نصيب
اذ ان العظيم حق العظيم من يمتلك المال ويمتلك معه روح العطاء والبذل والانفاق من هذا المال والا سيبقى صاحب هذا المال صعلوكًا وصغيرًا وان كثر ماله واتسعت ثروته ومن هنا اراد رسول الله (ص) ان يصحح الرؤية والنظرة حول من يكون العظيم او الصعلوك
فقال سائلاً وهو العليم عما يسأل ولكن اراد ان يكشف ما في نفوس الناس حول ذلك ثم التوجه نحو التصحيح وتقديم النظر السليم والصحيح : ما الصعلوك فيكم؟ فقالوا : الرجل الذي لا مال له. فقال (ص) : بل الصعلوك حق الصعلوك من لم يقدم من ماله شيئًا يحتسبه عند الله وان كان كثيرًا من بعده)
نعم الحصول على المال امر حسن وطيب ولطيف وجميل اذا ماكان مقرونًا بالعطاء والبذل منه في سبيل الله تعالى ومن يناله بهذا الحال يصير عظيمًا وكبيرًا
ولا يكون حيازة المال حسنًا اذا لم يكن معه تقديم شيء منه في سبيل الله تعالى
ويبقى مالكه صعلوكًا ضامرًا صغيرًا وان كان كثيرًا من بعده كما يقول رسول الله (ص) وهكذا اراد رسول الله (ص) لأمته ان تكون امةً عظيمةً وكبيرة ليس فقط بما تمتلك من ثروات وكنوز وانما مع ذلك ان تمتلك روحًا كبيرةً معها يكون العطاء والبذل والتقديم والتقدم نحو الخير وفعله والدعوة اليه وان تتحرر من قيد ومحبس الامساك والامتناع والشح والبخل لتخلص معه من وباء الصعلكة والضعة والضعف
فالأمة القوية والعظيمة هي الامة العظيمة في عطائها وبذلها وتعاونها وإخائها وخيرها وحميتها وحمايتها لبعضها البعض
وحينها تكون امة متميزة ومتفوقة من بين الامم لها عزها وشموخها وعلو شأنها
وبهذا يكون المعيار والذي على متنه تكون العظمة والعلو

نسأل الله المولى العظيم ان يوفقنا لفعل الخير والدعوة اليه والاحسان والدلالة عليه والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الكرامة والعظمة محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٤|٤|١٤٤٢ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى