الإستهلاك الثقافي
🖍️حسين علي الغزوي
طابت أوقاتكم بكل خير أحبتي الكرام….
دار حديث لأحد الأصدقاء مع زميله من أحدى دول الغرب حول نشر ثقافة المجتمعات الإنسانية فأحببت مشاركتكم هذا الحوار.
المعروف أن الشعوب تحاول إبراز شخصياتها العظيمة بنشر تراثها و أفكارها لترويج و نشر ثقافتها و هذا ما يسمى بالقوة الإعلامية الناعمة أو كما يسميه البعض بالغزو الفكري، و لكن ما نراه منكم هو التباهي بالماضي فقط دون إبرازه، بل أن البعض منكم لا هم له إلا التباهي بنشر أقوال علماء الغرب في الأزمنة الفائتة و الإستشهاد به تفاخراً ( دون مجال التخصص العلمي) فهل أنكم لا تمتلكون الثقافة الحضارية أو الشخصيات العظيمة؟ .
_ مما يؤسف له من البعض هو البدء في قراءة الثقافات الغربية قبل البدء في دراسة ثقافته الأصلية و لذلك نجده متأثراً و منحازاً لتلك القراءات و الترويج لها و إستيرادها، و عدم تصدير ثقافته الأم لعدم إلمامه بها بل و التعالي عليها و المضحك إنتقاده الدائم للشعوب بأنها شعوب إستهلاكية صناعياً و هو يقوم بذات الفعل بالإستهلاك الثقافي دون التصدير الثقافي للمجتمعات الآخرى.
و من المؤسف عدم نشر ثقافة و حضارة المسلمين للمسلمين أنفسهم بدوافع الكسل و التململ و الإتكالية و غير ذلك من الأسباب.
فلدينا الكثير من الشخصيات العظيمة التي سخرت أنفسها لبناء الإنسان و المجتمعات الإنسانية إلى الرقي لأعلى درجات الكمال، و لكننا بكل آسف أضعناها و خسرنا.
و هل لك أن تضرب بعض الأمثلة؟.
_ توجد لدينا القوانين العلمية في تنظيم العلاقات الإجتماعية مع جميع أفراد المجتمعات البشرية في رسالة الحقوق للإمام السجاد ( عليه السلام)، و بدلاً من قراءتها و تصديرها لكافة الثقافات الأخرى للإفادة، إستوردنا النظريات المتهافتة و المتضاربة.
و أما في الحكم و المواعظ فلن نعرج على أمير البلغاء و الحكماء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام) و لا لبقية العظماء ، و لكن سنكتفي بالشاعر أبو الطيب المتنبي، و قس على ذلك في بقية المجالات الأخرى.
_ و هل بإستطاعتك ذكر بعض الحقوق في العلاقات الإجتماعية؟
و أما حق الصغير فرحمته و تثقفيه و تعليمه و العفو عنه و الستر عليه و الرفق به و المعونة له و الستر على جرائر حداثته فإنه سبب للتوبة، و المدارة له و ترك مماحكته فإن ذلك أدنى لرشده.
و أما حق الجار فحفظه غائباً و كرامته شاهداً و نصرته و معونته في الحالين جميعاً، لا تتبع له عورة و لا تبحث له عن سوءة لتعرفها، فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك و لا تكلف، كنت لما علمت حصناً حصيناً و ستراً ستيراً……
و أما حق الصاحب فأن تصحبه بالفضل ما وجدت إليه سبيلاً و إلا فلا أقل من الإنصاف و أن تكرمه كما يكرمك و تحفظه كما يحفظك و لا يسبقك فيما بينك و بينه إلى مكرمة……..
_ لا يسمى الإنسان مثقفاً ما لم يدرس ثقافته أولاً و بعد ذلك يتفرغ لقراءة الثقافات الأخرى، و لن يصبح المثقف منتجاً ما لم يصدر ثقافته لمجتمعاته و للبقية بدلاً من الإستيراد الفكري ( الإستهلاك الثقافي).