كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي احاط بكل شيء علمًا والذي علم الانسان مالم يعلم والصلاة والسلام على سفير الله لعباده وشفيعه لخلقه يوم لقائه حبيب الله ورسوله المصطفى محمد وآله الطيببن الطاهرين
(ارجع من العلم)
قال الامام ابو الحسن علي بن محمد الهادي (ع)(ارجح من العلم حامله)
كفتان احداهما ارجح من الاخرى كفة علم واخرى كفة جهل كرجحان الذهب على الخشب من الناحية القيمية والاعتبارية والا يمكن ان يكون الخشب ارجح واثقل من الذهب من الناحية المادية والكمية
نعم من يدرك القيمة الاعتبارية والشرائية للذهب لا يسعه الا ان يرجحه ويقدمه على الخشب ومن يفعل خلاف ذلك فإنه يقال انه جاهل بحقائق الامور والاشياء وغير مدرك لقيمتها فالانسان الذي يمتلك رصيدًا من الادراك والاحاطة والمعرفة عادة ما يكون على مستوى متقدم من الموازنة والتمييز فيضع الامور في مواضعها ويرتب الاشياء في مراتبها فهو بذلك يفصح عن عقل راجح وادراك ثقيل كما يقول امير المؤمنين علي (ع)(العاقل من يضع الامور في مواضعها)
فهذا بهذا يضع الامور والاشياء فيما يتناسب وماهي عليه من قيمة واعتبار ومن هنا يمكن القول ان كل ذي قيمة له رجحان واعتبار وكلما زادت قيمته واعتباره زاد رجحانه واعتباره
فقيمة العلم واعتباره لها رجحان على غيرها من الاشياء كالاموال وغيرها حيث ان العلم يرفع بيوتًا لا عماد لها والجهل يهدم بيت العز والشرفِ
هذا من جهة ومن جهة اخرى ان العلم حارس وحافظ لحامله كما يقول امير العلم ومعلم الامراء ابو الحسن علي بن ابي طالب (؏)(لكميل بن زياد : ياكميل العلم خير من المال العلم يحرسك وانت تحرس المال)
وهذا امر طبيعي فيما فيه الخير والتفضيل والرجحان العلم على المال اذ ان من مقطوع به ان المحروس افضل من الحارس والحارس ماهو الا مسخر لخدمة المحروس فالعلم حارس لصاحبه وصاحب المال هو حارس للمال وبهذا فإن صاحب العلم افضل وارجح من صاحب المال
وثمة قضية اخرى لا تقل عن سابقتها في رجحان العلم على المال هي ان المال يتناقص ويقل مع الانفاق والاستخدام بخلافه العلم فإنه يزكو وينمو ويزداد بالانفاق والبذل كما يقول رائد العطاء والبذل علي امير العلماء (؏)(والمال تنقصه النفقة والعلم يزكوا على الانفاق)
وهذا ماهو معروف ومسلم به ولو علم الناس هذه الحقيقة التي عليها العلم لكانوا في حالة من التنافس والتسابق الشديد في طلبه والحصول عليه كما قالها عميد العلم واستاذ الحكمة بن ابي طالب علي امير المؤمنين (؏)(لو علم الناس مافي طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج)
لطلبوه ولو كلفهم ذلك سفك المهج وخوض اللجج والمصاعب كما يتحملون المعاناة والمصاعب في سبيل الحصول على المال ومن هنا تظهر عظمة العلم وقيمته ورجحانه وبالتالي قيمة ورجحان حامله ومتعلمه
نعم العلم بحد ذاته له قيمة واعتبار ورجحان وبالخصوص اذا ادى بحامله الى الهداية والاستقامة والصلاح والطهارة والزكاة والتواضع والانضباط ويكون بعدها ان حامل العلم ارجح وافضل من العلم حين يكون عاملاً بنداء العلم وملبيًا لدعوته ومترجمًا لمقصوده وذلك من خلال مايطبقه ويجسده من مآثر العلم ومضامينه وقد امتزجت روحه بروح العلم فصار بذلك علمًا متحركًا وعلمًا خفاقًا تتهادى معه الفضائل والمناقب ويستشنق بذلك رائحة الجنة ونعيمها ومعه من يكون على أثره وسلوكه لانه انما طلب العلم لله تعالى ولخدمة دينه وارشاد العباد واصلاح الامور
ومن يسعى على خلاف ذلك يحرم فضيلة العلم والرجحان بل الى ماهو اشد واصعب وهو الحرمان من الجنة ورائحتها حين يحول العلم الى اداة الى المباهاة والمماراة والاغراض الرخيصة كما يقول رسول الاسلام محمد (ص)(من طلب العلم ليباهي به العلماء او يماري به السفهاء في المجالس لم يرح رائحة الجنة)
ونعم وحين نتطلع ونرغب في الحصول على العلم وفضيلته وبالتالي الرجحان وعلو المقام ان نجعل العلم وسيلة وسبب لرضا الله تعالى والسعي به لهداية الآخرين والدعوة به الى الله تعالى والى دينه ونبعده عن المقاصد والمطالب الشيطانية لننال بذلك سمو المقام وعلو الرتبة ورضا الرحمن ونكسب الجنة ورائحتها ونعيمها
–
نسأل الله المولى المنعم ان يجعلنا من اهل العلم والعمل الصالح والسير السليم وعلى الصراط المستقيم مع محمد وآله اهل العلم والايمات
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٦|٧|١٤٤٢ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس