سامحيه يا أمي
رضي منصور العسيف
في نهاية دوام يوم متعب.. لم يستطع الجلوس لكثرة الزبائن …
نادى على زميله علي: تعال يا صديقي … انظر إلى هذه الـ 500 ملمسها متغير؟!
صرخ علي في وجهه: من أين جئت بهذه الورقة من الذي أعطاك إياها…
أجابه محمد بشيء من الخوف: ما بها … لا أعلم من الذي أعطاني إياها… كما تعلم اليوم الزبائن كثيرون …
قال علي: هذه 500 مزورة … ألم تضعها في جهاز كشف العملات المزورة… ها هو بجانبك … ألم تستخدمه؟!
ازداد خوف محمد: لا لم استخدمه … ولم يخطر ببالي أن هناك عملات مزورة …
قال علي: يا لك من مسكين … هل تظن أن جميع الناس طيبون مثلك؟! ماذا ستعمل الآن؟!
أجابه محمد بتلعثم: سوف … سوف أتحدث مع المدير … واخبره بغلطتي…
قال محمد: دعنا الآن نفحص بقية النقود وبالخصوص فئة الـ 500 ريال لنرى هل هناك عملات أخرى مزورة …
بعد فحص النقود تبين أن جميع النقود سليمة ما عدا هذه الورقة…
اقترح علي على محمد أن يسكت عن الموضوع لأن المدير (غليظ) و(جشع) وقال له: دع الأمر على وضعه وسوف تختلط النقود مع بعضها البعض… وحين تكتشف ربما تخصم من جميع الموظفين … لا عليك … لقد حصلت هذه الغلطة عدة مرات …
نظر إليه محمد قائلاً: ولكن هذا ليس من أخلاقي … أنا المسؤول وسوف أتحمل غلطتي…
قال له علي: يا مجنون هذه 500 وليس 50 وأنت لازلت في بداية مشوارك العملي… ربما يفصلك أو يخصمها من راتبك…
قال محمد: لا يهم …
ذهب محمد للمدير وتحدث معه
بعد ربع ساعة
عاد محمد وعلامات الحزن واضحة على وجهه …
استقبله علي: ماذا حدث؟!
أجابه محمد: كما أخبرتني كاد أن يفصلني ولكنه اكتفى بخصم المبلغ من راتبي على دفعتين…
قال علي: تباً له من جشع….
(2)
عاد محمد لمنزله
استقبلته والدته
أهلاً بولدى البطل …
ماذا بك أراك حزيناً …
أجابها لا شيء يا أمي … فقط توبيخ من المدير …
قالت الأم: ما عاش من يوبخك … أنت الشمعة أهكذا يوبخك هذا الـ…. ماذا عمل لك؟!
حكى لها الحكاية…
أحسنت صنعاً يا ولدي أنك بقيت أميناً وبقيت محافظاً على خلقك وإيمانك … وكان على مديرك أن يكافئك على هذا الصنيع ولكن يبدو أن المال أعمى عقله وقلبه …
ثم أردفت الأم قائلة: الله لا يوفقه … وربي ينتقم منه …
ما عاش من يحزنك يا ولدي …
هيا بدّل ملابسك لنتناول وجبة الغذاء.
(3)
بعد ثلاثة أيام
لوحظ ارتفاع في درجة حرارة أحد العاملين، وتم عزله على الفور، وبعد اجراء الفحوصات اللازمة تبين إيجابية النتيجة وأنه مصاب بفيروس كورونا، مما استوجب فحص جميع العاملين بالمركز التجاري واغلاق المركز حتى الانتهاء من تعقيمه كاملاً وظهور جميع نتائج العاملين.
بقي محمد مع والدته فترة الاغلاق …
سألته وهل سيتم دفع رواتبكم في هذه الفترة أم أنه سيخصمها أيضاً!!
أجابها محمد: لا أعلم … المهم أن نكون بصحة ويحفظنا الله من هذا الوباء…
عند غروب ذلك اليوم اتصل به علي: أين أنت يا محمد … ألم تسمع الأخبار؟!
اجابه محمد: وأي أخبار؟!
قال علي: أخبار مديرنا…
قال محمد: ما به أيضاً …
قال علي: لقد ظهرت نتائج الفحوصات وتبين أن ثلاثة من موظفي المركز مصابون بالفيروس ومنهم المدير …
قال محمد: وماذا عنك أنت …
قال علي: الحمد لله نتيجتي سليمة …. وأنت ألم تصلك رسالة بنتيجتك؟!
قال محمد: لا لم تصل بعد …
قال علي: ربما تصلك الليلة أو غداً …. مسكين مديرنا يقولون أن حالته حرجة لأنه مصاب بالسكري وارتفاع ضغط الدم …
قال محمد: لقد اقلقتني … لماذا لم تصلني رسالة… هذا شيء مخيف …
نظر محمد لوالدته وهو يتحدث مع علي…
ابتسمت والدته وقالت: ربي يحفظك يا ولدي لا تقلق …
(4)
في صباح اليوم التالي
فتح جواله
وجد رسالة … فتحها وقلبه تتسارع ضرباته …
النتيجة: سليم
أيقظ أمه من نومها ….
أمي لقد ظهرت النتيجة والحمد لله … أنا سليم …
ابتسمت الأم قائلة: الحمد لله …هيا يا ولدي عليك أن تجهز لنا الفطور …
في الساعة العاشرة اتصل بصديقه علي سأله عن حالة المدير الصحية…
أجابه علي: لا يزال في العناية المركزة … وحالته حرجة جداً يحتاج إلى دعاء لعل الله يلطف به …
نظر لوالدته:
أمي العزيزة … هل لك أن تدعي للمدير بالصحة والعافية وأن يخرج من العناية ويعود لعائلته سليماً … إن لديه أطفال في السابعة من عمرهم … وهم يحتاجون رعايته …
أمي ادعي له فأنت مؤمنة …
أمي أنسي موضوع الـ 500 ريال فلسنا بحاجة إليها …
نظرت الأم لولدها وقد اغرورقت عيناها بالدموع … وقالت: إن الله على كل شيء قدير …
ملاحظة
القصة من نسج الخيال