كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي رحمته وسعت كل شيء وعلمه احاط بكل شيء وسلطانه فوق كل شيء والصلاة والسلام على خير الخلق وسيد بني البشر المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(ارحموا ضعفاءكم ترحموا)
قال الامام ابو جعفر محمد بن علي الجواد (؏)(وارحموا ضعفاءكم واطلبوا من الله الرحمة بالرحمة فيهم)
الرحمة سمة وصفة من اهم السمات والصفات التي يمكن ان يتسمى بها الانسان وبها يرتقي الى ارفع المراقي واعلى المراتب واسمى المنازل وهي سمة وصفة من صفات الله تعالى ومن يكتسبها انما يكتسب القرب والدنو من الله تعالى لأنه قد تزين بما يحبه الله ويرتضيه من الرحمة والكرم والجود والاحسان ومن يسعى بالرحمة بين الناس انما يسعى بأدب الله ويعمل بما يرضي الله تعالى وبما يدرك به حب الناس واحترامهم
فالله تعالى بحبه لخلقه وعنايته بهم وتكرمه بنعمه عليهم ينبغي ان يكون ذلك سبيل وسبب لحب الخلق لربهم وطاعته وعبادته وشكره وترك مخالفته ومعصيته والكفر والانكار له ولوجوده
وهكذا هو الانسان صاحب الرحمة والعطف والكرم والعطاء ينال بذلك حب الله تعالى له ورحمته به ويزيده من نعمه وواسع عطائه
ويكسب من الناس الود والحب والاحترام وعريض التقدير
وهكذا هي دعوة مقدمة لمن يريد رحمة الله تعالى وعونه ان يقدم وبكل حب ورغبة ورحمة وعناية وبقلب ملؤه الرحمة والعطف على الضعفاء واصحاب الاحوال السيئة والامور الضعيفة
ليكون لهم خير معين وخير مسعف ويكون بذلك مرحومًا ومحبوبًا لما ورد في الحديث المبارك
(ارحموا ترحموا وارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء)
ومهما تكن رحمة الانسان واسعة الا انها لا ترتقي ولا تصل الى شيء من رحمة الله الواسعة التي وسعت الدنيا والآخرة
وحين يرغب ويتطلع الانسان الى رحمة ربه وعطائه وجوده وكرمه الواسع والعريض فليكن على حال من الرحمة والرأفة والعناية والاهتمام بخلق الله تعالى ويغدقهم بواسع عطائه وجوده ويمطرهم بسحاب كرمه وفضله ويشركهم في بحبوحة عيشه ليصير بذلك من خيار خلق الله وكرام عباده واهل محبته ووداده ومحبوب اهل ارضه وسمائه
نعم وكما قالها داعي الخير وامام الجود وسر الوجود ومبعث الكرم والعطاء ابو جعفر محمد بن علي الجواد (؏)(وارحموا ضعفاءكم واطلبوا من الله الرحمة بالرحمة فيهم)
نعم نحن كلنا طلاب رحمة الله تعالى والراجون لطفه وعطاءه فالسبيل الى ذلك ان نكون على مستوى من الرحمة والعطف والحنان واللطف بالضعفاء والفقراء والوقوف بجانبهم ومواساتهم واشعارهم بالرحمة والعناية والسعي في ازالة متاعب الحياة وهمها عنهم
وبذلك يكون الاستمطار لرحمة الله وبركاته وواسع منه وعطائه في الدنيا والآخرة
وهكذا هو حال كل امة حين تتفشى فيها الرحمة وتنتشر وذلك من خلال ما تتبادله من احترام الصغير للكبير ورحمة الكبير للصغير
وعون القوي للضعيف ومساعدة العالم للجاهل واكرام العالم من قبل محيطه واهل دعوته
وبذلك يصير هذا المجتمع الى سعة رحمة الله وعطائه والى تكاتفه وتماسكه وتقاربه وتلاحمه امتثالًا لقول رسول الرحمة ونبي الكرامة محمد (ص) (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداع له سائر الاعضاء بالسهر والحمى)
فالجسد الاجتماعي ينبغي ان يكون حاله كما هو حال الجسد والبدن والهيكل الظاهري للانسان في تجاوبه وتأثره بما يجري عليه من عوامل ومؤثرات سواء في مجاله الحسن او السيء فأفراده اذا ماكان مجتمع متماسك ومتلاحم يتأثر بالاوضاع التي يمكن ان تجري على بعض افراده واطرافه
فيعمه الحزن والاسى حين يصاب احد افراده بأمر محزن ومسيء او تعمه البهجة والفرحة حين يتحقق له أمر طيب وحسن
وبهذا تكون البرهنة على صحة وسلامة وقوة وتماسك هذا المجتمع وتقاربه
–
نسأل الله المولى الرحيم ان يرحمنا وان يجعلنا من اهل الرحمة واللطف انه لطيف رحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٣|١٢|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس