كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين المنعم المكرم الجواد المحسن الرازق المغني المعطي الباسط والصلاة والسلاة على المصطفى وآله النجباء محمد وآله الطيبين الطاهرين
(المغنم ما ابتغيت به اجرًا وكرمًا)
قال الامام ابو الحسن علي بن موسى الرضا(؏)(لا تعدنّ مغرمًا ما ابتغيت به اجرًا وكرمًا)
من الناس من يكون في اشد الحال من الامساك والمنع والقبض والاطباق وذلك يعود الى حسابات غير حكيمة وهو يظن انها حكيمة من ان الانفاق والبذل والجود والعطاء يأتي على مالديه وبالتالي ينتهي به الامر الى الغرم والى النقصان والنهاية
وانما الالتفات الى أن العطاء والبذل سبيل للنماء والزيادة وان ظهر مؤقتًا نقصًا وقلةً وهذا ما يكون في نفوس الذين ادركوا حقيقة العطاء والبذل والجود والانفاق يعقبه اضعاف مايقدمون ناهيك عما يتطلعون إليه من الأجر والثواب والجزاء والإكرام وادراكهم بأن الجود والبذل والكرم والعطاء صنعة من صنعات أهل الخير وشيمة من شيم أهل الكرم ولذلك هم يقدمون على فعلها ويسعون ان يكونوا من صناعها
واما الذين لم يسعفهم الفهم والوعي فإنهم يذهبون خلاف هذا السلوك والتصرف بل وينظرون الى من وفق للخير والعطاء انه وقع في الخطأ وتصرف فيما لا ينبغي ، وكأنما الصواب في نظرهم أن يتجه الانسان الى ما اتجهوا اليه وعملوه من المنع والامساك وهذا ماجرى حين اقدم الامام علي بن موسى الرضا(؏) وفي يوم عرفة وبخراسان وقد فرق ماله كله على الناس من أهل الحاجة فانبرأ له الفضل بن سهل وقال : إن هذا لمغرم .
فقال الإمام (؏): (بل هو المغنم، لا تعدنّ مغرمًا ما ابتغيت به اجرًا وكرمًا)
هكذا هي النفوس الكبيرة والذوات العظيمة والارواح الرفيعة ترى مهما قدمت من خير وعطاء بل وكل مايمكن ان يكون تحت يدها سبيلاً وطريقًا للأجر والثواب وليس كما هو مقدر في بعض النفوس ان ماقدمه الإمام في ذلك اليوم انه مغرم وليس بحسن بينما الإمام لا يرى المغرم الا الامساك والمنع ، بل الى ماهو اعظم منه وهو سلب الآخرين وسرقتهم وحرمانهم والتعدي على حقوقهم واملاكهم
فالإنسان صاحب النفس الكريمة والروح العطوفة والذت الطاهرة ليس فقط يكف عن ظلم الآخرين والتعدي عليهم بل يسعى الى اسعادهم واكرامهم بما وقع تحت يده من الخير والنعيم ويرى ذلك سعادته وهناءه وراحته وسروره وأنه يصير بذلك الى أحسن الناس معاشًا كما قال الامام علي بن موسى الرضا (؏)(احسن الناس معاشًا من حسن معاش غيره في معاشه)
وخلاف هذا اي من لم يعش غيره في معاشه فهو اسوأ الناس معاشًا كما قالها الإمام الرضا(؏)(اسوأ الناس معاشًا من لم يعش غيره في معاشه)
عظيم حين يسعى الانسان في تقديم طائفة من ماله لانعاش الناس واسعادهم
واعظم من ذلك من يخرج من ماله كله ويبذله ويفرقه على المحتاجين
ولكن من السوء بمكان ان يمتنع الانسان في صرف ولو جزء بسيط من ماله في سبيل الله وعباده والأسوأ من ذلك ان تمتد يده على ارزاق الآخرين واملاكهم فهو بهذا قد اوقع نفسه في أشد الغرم بعد وقوعه في اقله من امتناعه عن فعل الخير
ومن هنا نقول ان امة الاسلام هي امة الخير والمعروف كما قالها ربها عنها (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ) آل عمران | ١١
ولا تزال هذه الامة خير امة اخرجت للناس مافعلت الخير ودعت اليه وامرت بالمعروف ونهت عن المنكر
فإذا ما انقطعت عن ذلك وامتنعت فإنها تنتهي الى ان تكون امة سيئة بل الى اسوأ الامم
وذلك لما يكون من اعراض وانقطاع عن نهج الله وهديه والذي به تكون الامة خير الامم وافضلها
ومانراه من سوء حال وتفكك وتباعد بين اطراف هذه الامة الا لتباعدها وانقطاعها عن كتاب ربها وهدي نبيها واهل بيته الاطهار (ص)
واذا ما ارادت ان يعود اليها مجدها وعزها فلتدع الى الجادة السليمة والى النهج القويم الذي رسمه وخطه لها نبيها محمد (ص) حين قال (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي ابدًا كتاب الله وعترتي اهل بيتي)
فالهداية في الدين والعقيدة والاستقامة عليها ليس فقط سلامة من الضلال في مجاله الديني وانما ايضًا هداية وسعادة وتقدم في كل المجالات الحياتية الاقتصادية منها والامنية والعلمية والصناعية
–
نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا لكل خير وان يجعلنا من اهل الخير والعطاء ويطهرنا من الشر والبخل وان يجعلنا من السائرين على جادة الحق التي عليها رسول الله (ص) واهل بيته الاطهار المباركين (؏)
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الأطهار الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ١٨|١١|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس