كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي بحبه تنال السعادة وبطاعته تكتسب الجنة وبمعرفته الوصول الى الرفعة والصلاة والسلام على نبي الرحمة ورسول المودة المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(السعيد كل السعيد)
قال الرسول الاكرم محمد (ص)(الا وان جبرئيل اخبرني ان السعيد كل السعيد من احب عليًا في حياته وبعد مماته)
السعادة مطلب الكل بتطلع اليها ويرغب في الحصول عليها ويسعى وبكل مالديه في تحقيقها ويتحرز قدر الامكان ان لا يقع في الشقاء والعناء والعذاب وهذا هو المسلك الصحيح والتصرف السليم والتفكير الحصيف فالسعادة في عالم الدنيا الذي افقها محدود وامدها معدود الا انه ما امكن الانسان ان يحققها فلا بأس بذلك ولا مانع على ان ينتقل بهذا المعنى الى ماهو اوسع من السعادة وادوم الا وهي السعادة الابدية التي لا نهاية لها ولا اضمحلال اذ ان الحصول على نعيم الدنيا وخيراتها وراحتها والسرور يعد ضربًا من السعادة وليس كل السعادة بتمامها وكمالها اذ ان مهما نال وحصل الانسان من الخير والنعيم في هذه الدنيا
فإنه يعد في قبال نعيم وسعادة الآخر ضئيل وقليل بل لعله يكون لا شيء
ولكن من يمتلك شيئًا من الفطنة والحكمة مع مايكون عليه من السعادة والنعيم في الدنيا ان يحرز ويحقق ايضًا نعيم وسعادة الآخرة بما يقدمه ويبذله في سبيل ربه ليكسب سعادته في الآخرة كما كسبها في دنياه وحياته المحدودة
نعم هذه سعادة وتلك ايضًا سعادة ولكن السعادة كل السعادة بتمامها وكمالها
فيما يحققه العبد من حب وولاء لمن احب الله ورسوله واحبه الله ورسوله الا وهو امير المؤمنين ويعسوب الدين وامام المتقين علي عميد الصادقين
الذي ماكان حبه الا لله وفي الله ومن اجل دينه وسلامة رسول الله حين قال لرسول الله (ص)(ما احببت الحياة الا لاجلك يارسول الله)
هذا هو النمودج الذي يمثل السعادة كل السعادة فهو يحب رسول الله ويحب دين الله وفي المنتهى يحب الله وان كان ذلك في البدأ هو الله اولاً وآخرًا
فما حبه لرسول الله الا لأنه يحمل ويمثل دين الله تعالى فهو بحمايته ودفاعه عن رسول الله انما هو دفاع وحماية عن دين الله وشرعه
فاستحق بذلك ان يكون حبيبًا لله ورسوله وبه وبحبه تكتسب السعادة وكل السعادة
وما هذا الحب وما مفهومه ومعناه؟
لعل البعض يقدر ان الحب لعلي هو اظهاره من خلال مايقوم به او يقوله من كلام من انه يحب علي ويواليه وهذا شيء حسن وطيب
ولكن ليس هو المقصد الاكبر من الحب والولاء لعلي
بل لعله يكون فيه ضرر وخدش ولا يعلم ولا يدرك
اذ ان الحب كل الحب لعلي هو الوقوف على تلك الصفحات المشرقة والمواقف الكريمة والمشاهد العظيمة والسيرة العطرة والانطلاقات الطيبة لعلي
وامتثالها والعمل بها ما وسع المجال وساعد الحال والسعي وبكل جد واجتهاد ان يغمس روحه بتلك الروح التي كلها فضائل ومناقب ومحاسن ومآثر
اذ انها ماهي الا روح ونفس رسول الله (ص)
التي هي اطهر وانقى وازكى وانمى روح ونفس في الكون
وهذا ما قدره واحكمه رب الكون الله تعالى في كتابه الكريم حين قال لنبيه (ص) ان يقول لأهل المباهلة (فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) آل عمران |٦١
وعني بأنفسنا هي نفس امير المؤمنين علي (؏) والتي هي بمثابة نفس رسول الله وروحه (ص) اذ ان كل ماهو مقدر ومعطى لروح ونفس رسول الله هو ذاته معطى ومقدر لأمير المؤمنين علي (؏)
وهذا ما اطلقه وصدع به رسول الله (ص) حين قال (ياعلي انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي)
اذ ان كل مالدى رسول الله هو لعلي الا النبوة
وتكون لعلي بعد الرسول (ص) الامامة والخلافة بنص هذا الحديث المبارك الذي يظهر معنى المنزلة والمكانة لعلي من رسول الله كما هي لهارون من موسى (؏) وكيف تكون هناك ولا تكون هنا ؟
وهذا هو المعنى الواضح والموقف الصادق من حبنا لعلي (؏) الذي به ندرك السعادة بكلها وعظمتها
كما هو لله ورسوله حبًا وموالاةً واتباعًا وطاعةً واقرارًا واعترافًا
وما دون ذاك يكون تنكرًا وجحودًا للنبوة والرسالة وان تظاهر من تظاهر بالدين والاسلام الا انه مدفوع ومردود لقول رسول الله (ص)( ومن انكر امامتك ياعلي فقد انكر نبوتي)
ومن هنا يظهر معنى السعادة كل السعادة بحب علي في حياته وبعد مماته بالايمان بولايته والاتباع لأمره والالتزام بقيادته والتي هي ولاية الله ورسوله
–
نسأل الله المولى العلي القدير ان يجعلنا من اهل الحب والولاء له ولنبيه محمد (ص) ولأمير المؤمنين علي (؏) ولأهل بيت الطهارة والعصمة والتي بها ندرك ونكسب السعادة وكل السعادة في الدارين
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٢١|٩|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس