كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي انعم فأكرم واعطى فأسبغ ووهب فأوسع ومنح فأغدق والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للأنام وهدية لذوي الأفهام وآله الاطهار الكرام الطيبين الطاهرين
(أفضل الشهور عند الله شهر رمضان)
قال الرسول الأكرم محمد (ص)(شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات)
تقاس الامور وتقدر وبالتالي تميز وتفضل بما تحتويه من عناصر وخصال ذو قيمة وأثر رفيع ومردود وسيع وظلال وفير وريع عريض وثمر كثير
اذ ان الاشخاص هم الاشخاص في وجودهم وتكوينهم وعناصرهم ، لا يفضل احد على احد الا بما ناله من صفات وسمات واضافات وقدرات وامكانيات وملكات
اذ ان الشارع المقدس وعلى لسان سيد الرسل محمد (ص) يطلق هذه الحقيقة ويقول (لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على اسود الا بالتقوى)
نعم من الناحية الوجودية الكل متساوي وان اختلف اللون او اللغة او العرق وهذا ماصرح به خير الخلق رسول الله محمد (ص)(الناس سواسيا كأسنان المشط)
وبعد هذا لا يمكن لأحد ان يقدر لنفسه فارق او مايز بحسب ماهو فيه من نسب او حسب او جنس او لون او لغة وغيرها
اذ ان هذا التقدير لا اعتبار له ولا عناية اذ ان الكل يعود الى اصله وهو اصل واحد للجميع كما يقول رسول الله (ص)(كلكم لآدم وآدم من تراب)
والتراب لا يتعالى او يتفاضل على بعضه اذ انه مكون واحد لأنه يمكن ان يكون من الفارق والفضل لبعض التراب على غيره حين تتوفر فيه عناصر غير متوفرة في غيره اذ حين تكون تربة فيها مافيها من العناصر وبالتالي القابلية على الانتاج فيكون لها الفضل والتميز على غيرها ممن لا تتوفر فيها مثل ذلك
وهكذا هو الانسان يكون له الفضل والتميز على غيره بما يحوزه من عناصر وخصائص هي مفقودة عند غيره
ولكن لا يكون ذلك مدعاة الى التعالي والخيلاء والترفع والغرور كلا وكل مافي كلمة كلا من معنى
اذ ان الارض المنتجة والمثمرة هي تلك الارض المنبسطة والمتواضعة وبهذا اصبحت مثمرة ومنتجة وكان لها ماكان من التميز والاعتبار والعناية والالتفات
واما الاراضي الوعرة والخشنة والعالية فليس لها من عناية ولا اهتمام لأنها لا ثمرة فيها
وهكذا اهل النفوس حين تكون حاوية على عناصر الخير والتقدم والتواضع والسهولة ولين الجانب والعريكة تنال تميزها ورفعتها واكرامها واعظامها
بخلاف تلك النفوس التي حشيت غرورًا وملئت جهلاً ولبست سفهًا فهي في وضع متردٍ ومتسافل من فقدان اعتبارها وقيمتها وذلك اثر ماتواجه به الآخرين
ومن هنا فإن الاماكن والازمنة هي كما خلقها الله تعالى واوجدها فهي على قدم المساواة وعلى ذراع المسافات
اذ ان الزمان هو الزمان والمكان هو المكان لا يميز هذا على هذا او ذلك على تلك
الا بما يقدر ويمرر في هذا المقطع الزماني او ذلك الموقع المكاني
فالشهور هي عند الله تعالى وكذلك الاماكن كما اوجدها بمستوى واحد واعتبار واحد
الا ان بعض الزمان وقسم من الاماكن قد نالت مانالت وحصلت ماحصلت من تميز واعتبار على غيرها من الازمنة او الامكنة بما جرى وحدث في هذه المقاطع من الزمان او المواقع من المكان
كشهر رمضان زمانًا او بيت الله الحرام الكعبة المشرفة مكانًا
فشهر رمضان نال شرفه وتميزه على غيره من الشهور لما جرى فيه وحدث من امر عظيم وجليل ومميز وبه نال هذا الشهر تميزه وفضله
فإنه انزل فيه افضل كتاب وشريعة الا وهو القرآن الكريم الذي هو خاتم الرسالات وافضل الشرائع وكان محفوفًا بملائكة السماء وعناية الله تعالى
فبهذا اكتسب هذا الشهر العظيم تميزه وفضله
وعلى هذا اطلقها رسول الله محمد (ص) بقوله (شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالي وساعاته افضل الساعات)
فما عسى العبد ان يكون حاله ووضعه في هذا الشهر الا الاعتناء والاهتمام والمبالغة في تعظيم هذا الشهر من صيامه على الوجه السليم والتأدب بالآداب اللائقة والمطلوبة في هذا الشهر الكريم والتعلق الكبير بكتاب الله تعالى القرآن الكريم الذي بسببه نال هذا الشهر الفضل والتميز على غيره من الشهور
وحين نتطلع الى التميز والتفاضل ان نكون رفقاء القرآن واصحابه بالاكثار من تلاوته والعمل بأحكامه والالتزام بأوامره والانتهاء عن نواهيه والتأدب بآدابه والتخلق بأخلاقه والتطيب بأنفاسه لعلنا ننال الفضل والتميز والرحمة والبركة والغفران والرضا والرضوان
–
نسأل الله اللطيف الخبير ان يوفقنا لصيام شهر رمضان وتلاوة القرآن وطاعة الرحمٰن والاعتصام من الشيطان
إنه ربنا الحنان المنان ذو الجود والاكرام والانعام والاحسان
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الهداة الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٧|٩|١٤٤١هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس