طفلي … شهيتة مفرطة

رضي منصور العسيف

في أحد المطاعم سأل الأب أطفاله الثلاثة: ماذا تحب أن تأكل …؟
كل طفل طلب وجبته المفضلة … حلى… عصير …
كانت طاولة الطعام مزدحمة بالأطباق المشهية …
استمتعت العائلة بالأكل … ولكن بقي نصف الكمية …!!
دفع الأب الفاتورة وهو منزعج …
عندما ركبوا السيارة خاطبهم … هذه آخر مرة نتناول وجبة الغذاء في هذا المطعم … أسعاره مرتفعة!!

إحدى الأمهات سألتني هل ممكن نعمل لطفلي تحاليل الغدة … أخشى أن يكون عنده خلل في الغدة؟!
أجبتها: لا داعي لذلك … فنحن نحتاج إلى علاج سلوكنا الغذائي مع أطفالنا …

*لماذا نشجع أطفالنا على ظاهرة الإفراط في الأكل منذ الصغر؟*
كثير من الأطفال يتمتعون بشهية مفرطة، علمًا أن الإفراط في الطعام ليس في الكمية فقط وإنما في نوعية الطعام، كأن يأكل الطفل إحدى الوجبات السريعة وهذا يعني أنه تناول طعامًا ذا طاقة مرتفعة الكثافة أي أنه يحوي العديد من السعرات الحرارية في كمية صغيرة (قطعة بيتزا مثلاً)، ولكنه لا يزال جائعًا مما يضطره لتناول المزيد من هذه الأغذية!!
وعلينا أن نعي أن الإفراط قد يكون في مكعبات السكر المضافة للشاي، أو كمية الملح المضافة لإحدى الوجبات، أو كمية الزيت المستخدمة في القلي.
وتذكر القاعدة الصحية الذهبية: " كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ " الأعراف آية31

*أخطاء غذائية نمارسها مع أطفالنا*:
إجبار الطفل على إنهاء طبق الطعام.
ممارسة سلوك “التودد بالطعام” توفير الطعام تلبية لرغبة الطفل خوفًا من (الزعل).
المكافأة بالطعام كـ(تقديم الحلويات جوائز للتفوق).
مقارنة طفلك بغيره من الأطفال (عليك أن تأكل كما يأكل فلان).
توفير أغذية غير صحية بالمنزل (مشروبات غازية، حلويات، … ).

*عواقب الإفراط في تناول الطعام*:
إن الأطفال الذين يعانون من الإفراط في التغذية لديهم قابلية للإصابة بالسمنة ومن ثم يكونوا أكثر عرضة لأمراض ومشاكل صحية مزمنة مثل الربو، انسداد مجرى التنفّس أثناء النوم، مشاكل في العظام والمفاصل ومرض السكري.
كما قد تؤدي الإصابة بأمراض السكري عند الأطفال لأمراض القلب مثل ارتفاع ضغط الدم والكولسترول والفشل الكلوي.
روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: إياك وإدمان الشبع، فإنه يهيج الأسقام ويثير العلل (1).
وقال (عليه السلام): "لا صحة مع النهم" (2).

*مبادئ لعلاج الإفراط في تناول الطعام*:
1 )اغرس في طفلك العادات الغذائية الصحيحة مثل:
لكل وجبة وقت مخصص.
لا تأكل بشكل مستمر.
لا تتعجل وأنت تأكل، تناول طعامك بهدوء.
لا تطلب وجبات كبيرة الحجم.
اشتري طعاماً صحياً.

2 ) الأكل بذكاء: علينا أن نعلم أطفالنا هذا المبدأ:
كن ذكيًا في اختيار الأطعمة المناسبة لك.
فكر فيما تأكله: توقف لدقيقة للتفكير بما تريد أكله الآن: (الطعام مناسب، الطعام كثير، ليس هذا وقت الطعام).

3) تحضير وجبات صحية منخفضة السعرات الحرارية وتساعد على الشبع.
هناك أطعمة تتميز بقدرتها على منح الشعور بالشبع وهي محببة للأطفال مثل : الفشار، البيتزا، سلطة الفواكه، المكسرات، وغيرها.
وتذكر أن تقدم لهم كمية أقل من التي سيأكلونها وليس أكبر.

4 ) علم طفلك مبدأ تحديد الجوع الحقيقي ومبدأ الاكتفاء من الطعام
ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع(3).
ويعني هذا أن يأكلوا حينما يكونوا جائعين حقًا، وليس حينما يشعرون بالملل أو التسلية، وأن يقللوا استهلاكهم للطعام حينما يحصلون على كفايتهم لا أن يفرطوا في الأكل لمجرد أن الطعام موضوع أمامهم.
*أخيرًا علينا أن نعي*:
أن الاهتمام بتغذية الطفل تغذية سليمة هو أمرٌ بالغ الأهمية إذ أنه سيساعدهم على التمتع بحياة صحية سعيدة ومديدة في المستقبل.

الهوامش:
1 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٨٩
2 ) البحار: ج 62 ص 268
3 ) طب المعصومين