دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي حكم فعدل وقضى فأحكم وقدر فأحسن والصلاة والسلام على رسول الرحمة ونبي الهداية المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(امهال لا اهمال)
قال الرسول الاكرم محمد (ص)(إن الله يمهل الظالم حتى يقول قد اهملني ثم يؤخذ اخذة رابية)
من دواعي الحكمة الامهال والتأني كما من دواعي الحكم الاخذ وعدم الامهال والحزم والامضاء
هكذا اقتضت حكمة الله تعالى وحكمه وتدبيره وامره ان تدع مجالًا وفرصةً وفسحةً لمن ارتكب جنحةً او سقطةً ان يعود ويؤوب الى رشده وبقلع عن غيه وبغيه ويرجع الى جادة الصلاح والاستقامة فإن حدث ذلك فهو الموافق والمقارب لمقتضى الحكمة من الامهال والاغضاء والتريث والتأخير
وإن لم يكن ذلك الأمر يؤول الى وضع آخر وتدبير يتلائم ومقتضى الحكمة كذلك
وهو الاتيان على اهل الظلم والطغيان وبما يتناسب والحال
فالمهلة لا يعني الاهمال والتفويت ، فالمهلة ماهي الا نوع من اللطف والرفق
فمن استفاد منها خلص ونجى وفاز وافلح
ومن تمادى واهمل واستمر في هواه وضلاله وسوءه وغيه وقع في الردى ونال مالا يشتهى
فالظالم والعاصي والمذنب يترك الله له الفرصة ويمنحه المهلة لعله يرعوي ويرتدع ويؤوب عما هو فيه ويعود الى رشده فينال من ربه العفو والغفران فمن أخذه الغرور وركبه الخيلاء واسترسل في غيه وغبائه وظلمه وعصيانه ظنًا منه انه في مأمن واهمال من الاخذ والعقاب حينها يحل عليه من الله العذاب ويؤخذ اخذ عزيز مقتدر اخذة رابية قوية شديدة كما يقول الرسول محمد (ص)(إن الله يمهل الظالم حتى يقول قد اهملني ثم يؤخذ اخذة رابية)
نعم الظالمون هم في مهلة فإن اقلعوا وانتهوا كانت نجاتهم
وان لم يفعلوا ذلك فهو هلاكهم وعذابهم
وهذا سبيل فيه طمأنة وتسكين لقلوب المظلومين والمستضعفين الذين لم يجدوا لهم ناصرًا ومعينًا الا الله تعالى
فظلامتهم مهما مضى عليها الزمان الا انها لا تذهب هدرًا وسدى
بل يأخذ الله لهم بحقهم ولو بعد حين اذ يقول امير العدالة والحق علي بن ابي طالب(ع)(ظلامة المظلومين يمهلها الله ولا يهملها)
هكذا هو التدبير وادارة الكون لدى الله تعالى في اقامته على العدل والحق والاخذ للمظلوم من ظالمه والمغبون من غابنه
وكان في هذا الاخذ مدحًا وحمدًا وثناءً على الله تعالى حيث يقول رب السموات وهو يحمد نفسه عند هلاك الظالمين (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.الأنعام |٤٥
فالأمة التي يدعو كتابها ونبيها الى العدل والاحسان والحق والخير والنهي عن الظلم والعدوان والباطل والشر والسوء والكراهية حري بها ان تنعم بالعدل والامن والاطمئنان والحب والسلام والقرب والائتلاف بين افرادها واطيافها
وتنزع عن عناصر الشر وموارد السوء وتكف عن الكراهية ومنافذ البغضاء وتترفع عن سفاسف الامور وصغارها وتتقدم نحو الامور الرفيعة وترتفع في افق الكمال والتكامل
وبهذا ارادها الله تعالى ورسوله (ص) ان تكون امة ذات مجد رفيع ومقام عالي وموضع عظيم بما تشيعه وتنشره من تعاطي وتعامل حسن فيما بين بعضها البعض من حب واحترام ومراعاة وعناية وتواصي وتآخي وعلى وفق هذا تكون هذه الامة هي خير امة اخرجت للناس بمعروفها واحسانها وصلاحها واصلاحها

نسأل الله المولى العزيز ان يوفقنا وهذه الامة لكل خير ومعروف ويكفيها من كل شر ومكروه ويلقي في قلوب ابنائها المحبة والمودة والقرب والألفة
إنها ربنا سميع مجيب والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول المحبة والرحمة محمد وآله الاطهار الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٢٨|٥|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى