التغيير الذاتي
يحتاج بعض الأشخاص اليوم إلى تغيير بعض قناعاتهم وأفكارهم تجاه ما يدور حول ذاتهم من شعور يوهمهم بأنهم لا يمكنهم التغيير للأفضل، وذلك حتى يتحملوا مختلف المسؤوليات، ويحققوا القناعة الذاتية التي لا تجعلهم يتهربون من مواجهة الواقع، فهناك فئة من الناس تحاول التهرب من مواجهة المواقف التي تمر عليها سواء كانت مملة أو قاسية، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْۗ} [الرعد:11].
إننا بحاجة للتخلص من نقاط الضعف التي تحاول أن تعرقل علينا تحقيق الرضا الذاتي الذي يجعلنا نكون صادقين مع ذواتنا، وذلك كي نواجه الخوف والقلق الذي يضطرب في أعماقنا، بعيدا عن البحث عن رضا الناس، فإن جوهر الإنسان هو التعمق بمحاولة إيجاد ذاته الحقيقية، فعندما نصلح أنفسنا ونرضى ونقتنع بما لدينا، ونحب أنفسنا دون تعدٍّ على الأطراف الأخرى، سيصلح العالم، أما تقليدنا للآخرين وملاحقتنا لهم لإرضائهم فما هي إلا رحلة يصاحبها التخبط وخيبات الأمل، ليس فقط على الصعيد الذاتي إنما على الصعيد الحياتي اليومي.
وفي هذا المجال علينا التعلم من الماضي، والتخلص من الشعور بالذنب، فهذا أمر مهم للغاية لبناء الثقة بالذات، والتي ستجعل كل فرد يواجه الواقع المؤلم بكل ثقة، إذ يحدث في بعض الأحيان شعور الإنسان بالذنب باستمرار تجاه ما اقترفه لا يعد تعلما من الماضي بل يؤدي به إلى الوقوع في دائرة الهلاك، حينما قلنا (بعض الأحيان) فقد خرجنا من الحالة الحتمية، إذ يحدث أحيانا هذا الأمر، وربما لا يحدث، فهذا يتوقف على طبيعة الشخص وطبيعة الظروف، والكثير من الناس أدى بهم الأمر إلى وضع متأزم نفسي بسبب تأنيب الضمير، فمن المهم جدا التعرف على الأخطاء التي المرتكبة في الماضي، وأيضا التركيز على إصلاح الذات دون الانشغال بالآخرين وإلقاء اللوم عليهم في حال الفشل في تحقيق أي هدف معين، أو حل مشكلة معينة نعاني منها في حياتنا اليومية.
كما أن القسوة على الذات، وتقريع الإنسان لنفسه ذهنيا بسبب ما فعله من أمور معينة، يؤدي إلى تضييع وقته الثمين، واستنزف طاقته إلى حد كبير، فإذا ركز على التغيير من نفسه في الوقت الحاضر ستكون له فرصة للتغير للأفضل، أما إذا منح انتباه لصغائر الأمور، وجعل الأفكار التحطيمية تسيطر على عقله، وتمنعه من تغيير طريقة تفكيره تجاه مواجهة الصعوبات الحالية التي تحاول تدميره من جميع النواحي، فمثلا نلاحظ أن أشخاصا بسبب تفكيرهم السلبي نجدهم لا يستطيعون التخطيط لأهدافهم ومعرفة قيمتهم الذاتية في مسيرة حياتهم، ويعانون من الدواهي الذاتية، والنقص الشخصي إلى حد كبير.
بناء على ما ذكر، نرى أن التدرج في تطوير الذات مهم جدا لمن يرغب في التغيير، أو يتطلع لإصلاح نفسه، وعلاوة على ذلك محاولة التخلص من الهواجس والقلق من المستقبل والحاضر، والتصميم على النجاح، وذلك من أجل الحصول على نتائج أروع دون اللجوء إلى جلد الذات.