عن العمل التطوعي
رضي منصور العسيف
قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ)[سورة الأنبياء: 73]
سألت أحد الأصدقاء عن مؤسسة (لجنة) تطوعية هل لاتزال قائمة تمارس نشاطها…
فأجابني صديقي: لا… اللجنة اختفت لعدة أسباب بعضها خارج عن إرادتها…
فقلت: خسارة كنا نعقد عليها الآمال…
العمل التطوعي مفهوم جميل يحمل العديد من القيم والمثل فهو أحد مصادر نشر الخير والفضيلة وتقديم العون لأفراد المجتمع، وهو ظاهرة إيجابية مثمرة فمن ينتمي لإحدى اللجان التطوعية فإنه يشعر بنمو الجوانب الفكرية والاجتماعية في شخصيته.
وهنا أود الإشارة إلى بعض المفردات المهمة في اللجان التطوعية والتي لها دور في بقاء وزيادة إنتاجيتها:
لا عمل بدون تخطيط
روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: “وَنَظْمِ أَمْرِكُمْ”(1).
إن أكبر مشكلة تواجه العمل التطوعي هي ضعف التخطيط، لذلك فإن الإدارة الناجحة ترفض الأعمال الارتجالية، وتؤمن بوضع الأهداف والتخطيط الاستراتيجي لتفعيلها من خلال وضع خطة واضحة بأهم الأعمال التي ترغب المؤسسة بإنجازها خلال هذا الموسم.
وكلما كان التخطيط قويًا فإننا سنتعامل بفعالية مع الوقت، ونحسن اختيار طرق تنفيذ العمل، وإنجاز العمل بصورة أسرع.
العمل التطوعي التخصصي
مفهوم التخصص ليس بالاختراع الجديد ولكن بسبب إهماله تضيع الكثير الجهود، ولهذا ينبغي التركيز على مجال العمل التطوعي التخصصي والذي يركز فيه على بعد واحد من أبعاد (العمل) كـ (التطوع في المجال الصحي) أو (التطوع في التكافل الاجتماعي) وغيرها.
ويتميز هذا النوع من التطوع أنه يضم بين جنبيه مجموعة من المختصين الذين يوظفون خبراتهم في تنفيذ العمل، كما أنه يحافظ على الوقت ويجعل المتطوع يركز في عمله ومن ثم يتميز في الخدمات التي يقدمها للآخرين.
التقييم والتقويم
روي عن الإمام علي (عليه السلام): "من حاسب نفسه وقف على عيوبه"(2).
من الضروري في نهاية كل عمل أن تتم عملية تقييم له من أجل معرفة كم أنجزنا من الأهداف المرسومة بالخطة، وما هي أوجه التقصير التي حصلت وعناصر القوة والضعف.
صفات المتطوع الفعال
يكتسب اختيار(استقطاب) المتطوعين بعدًا خاصًا وهامًا في نجاح العمل التطوعي ولهذا روي عن الإمام علي (عليه السلام) قوله: عجبت لمن يرغب في التكثر من الأصحاب كيف لا يصحب العلماء الألباء الأتقياء الذين يغنم فضائلهم، وتهديه علومهم، وتزينه صحبتهم؟!(3).
لابد أن يكون المتطوع شخصية متميزة تتمتع بمهارة وخبرة معينة يستخدمها لأداء واجب اجتماعي طواعية واختيارا وبدون مقابل من أي نوع.
كما أن المتطوع له القدرة على دراسة المجتمع وفهم متطلباته والقدرة على تقديم الحلول، وله جاذبية اجتماعية وقدرة على التواصل مع شرائح المجتمع. وعندما يمارس عمله فإنه يمارسه بحب ودافعية واتقان.
التدريب وتنمية الكفاءة
روي عن الإمام علي (عليه السلام): "من يعمل يزدد قوة، من يقصر في العمل يزدد فترة" (4).
من الضروري أن يقوم قادة العمل التطوعي بخلق بيئة عمل إيجابية للمتطوعين من خلال إنشاء برنامج تدريبي مستمر يقوم على تنمية كفاءات المتطوعين وتحسين معلوماتهم ومهاراتهم.
التحفيز دينامو الإبداع
الإمام علي (عليه السلام): أطل يدك في مكافأة من أحسن إليك، فإن لم تقدر فلا أقل من أن تشكره (5).
التحفيز إكسير العمل، ودينامو الإبداع، وهو أساس النجاح للعمل التطوعي، فهو يشحن المتطوع وينشطه لاستثمار طاقاته وخبراته وتوظيفها لتحقيق النجاح.
ولعل الخامس من ديسمبر (اليوم العالمي للعمل التطوعي)، الذي تم اعتماده من قبل الأمم المتحدة في عام 1997, ينبغي استثماره لتكريم العمل التطوعـي والمتطوعين ودعم دورهم في التنمية الشاملة في المجتمعات.
الهوامش:
1 ) : نهج البلاغة
2 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٦٢٠
3 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٥٨٤
4 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢١٢٠
5 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٧٢٠