شعر: الياقوتةُ المحمدية
الياقوتةُ المحمدية
الكونُ فيكَ فكيفَ لا أتفكرُ
يامنْ بهِ ملكوتُ ربيْ يظهرُ
تلكَ المجراتُ التي استودعتها
عندَ السماءِ غدتْ شموساً تثمرُ
حزت الصفاتِ الغرَّ حتى أنني
أيقنتُ أنكَ مثلَ ربكَ أكبرُ
يكفيكَ منْ فخرِ الأصالةِ والعلا
أنَّ الحسين لك الضياء المظهر
إنَّ المكارمَ فيْ يديكَ طليقةٌ
وعظائمُ الحاجاتِ عندكَ تصغرُ
لو أنَّ يوسفَ قد رأكَ بعمرهِ
لقضى حياتهُ فيْ جمالكَ ينظرُ
تستافُ منْ عينيكَ كلٌّ جميلةٍ
ماكانَ من ألقٍ وحُسْنٍ يؤسرُ
أما الحقيقة فهي سِرٌّ كامنٌ
شيئاً فشيئاً في الخلائق تظهرُ
ضربَ الإلهُ لنورهِ فيْ ذِكْرِهِ
مثلاً فكنت له مثالاً يُزهرُ
بعضُ الجمالِ يكونُ إغواءً وفي
بعض الجمال قداسةٌ لا تنكرُ
أما جمالكَ سلسبيلٌ أصلهُ
عينُ الإلهِ فمنْ سواكَ يفجرُ
الحسنُ من ذكراكَ يغدوا مرهفاً
والقلب في معناك عذباً يشعرُ
كم ألفُ ألفٍ من زليخةَ عُطِّلُوا
نذروا عليكَ العمرَ أنْ يتحسروا
منْ مبلغٍ عنِّي الحسينَ بأنني
اهواهُ لا أهوى سواهُ وأفخرُ
يامهدَ منْ عشقوا فطالَ هيامهمْ
خذني إليكَ فإنَّني أتضورُ
وامسحْ على قلبي فأنتَ مسيحها
كي تشفي هذا القلب فهْوَ مُحسَّرُ
وأعدْ إلىَّ حياةَ قلبٍ طالما
قدْ كانَ من ريَّبِ الزمانِ يكدرُ
يا مُبريءَ العشاقِ منْ سكراتهمْ
والعشقُ يبرئُ تارةً أوْ يُسْكِرُ
ماذنبُ منْ شربوا هواكَ فَوَحَّدوا
إنَّ المُعَدِّدَ فيْ المحبةِ يَكفرُ
يالذةً للشاربينَ بعينهمْ
ولهاً تعتقَ من جبينك يُسفرُ
إني أراني في منامي سبعةً
كانت وجوهكَ للنظارة تُنشرُ
ولقد تأوَّل في خلائقِ ربهِ
وأنا الذي للعاشقين يُعبِّرُ
الخدُّ زهرٌ والحواجبُ خنجرٌ
والوجهُ بدرٌ والجوانبُ مرمرُ
عجبي لِمثلكَ كيف يغدو مَطمعاً
في كربلاءَ إلى سيوفٍ تُشهرُ
وحكمتَ يومَ الطفِِّ حينَ تَجَِمَّعوا
كالسَّيلِ تزحفُ والجيوشُ تَبَعْثَروا
وأكابرُ الفرسانِ كانوا صَيدهُ
بانوا الشجاعةَ والمخافة أضمروا
وعجبتُ من سيفٍ يَكـُرُّ بمرةٍ
وبمرةٍ نحوَ الرؤوس يُصقِّرُ
أَلِفَتْهُ في أفق السماءِ جوارحٌ
بعضٌ يُسبِّح والبقيةُ تَشْكرُ
وأبوهُ ينظرُ منْ بعيدٍ سحرهُ
وبيارقُ القُوَّادِ إذ تَتكسَّرُ
وملائكٌ كادتْ لشدةِ دهشةٍ
مما رأوهُ هناكَ أنْ يتسمروا
وقستْ قلوبُ الجاحدين لأمرهِ
فغدوا عليهِ كما الجراد يُنشَّرُ
صاموا لزاماً منْ شجاعةِ بأسه
لكنهمْ من غدرهمْ قدْ أفطروا
ورماحهمْ خشعت إلى طعناتهِ
قدْ أوشكتْ بكفوفهمْ تتكسرُ
إقدامُ حمزةَ فيْ شجاعةِ جعفرٍ
وكأنهُ الحسنُ الحليمُ يزمجرُ
والخيلُ لما أُغرقتْ بدمائهِ
شردتْ بهِ فتكالبوا واستبشروا
نهشتهُ أنيابُ الضباعِ كأنما
أسدٌ تفرسهُ الضعيفُ الاحقرُ
فتكوا بهِ وتقاسمتهُ ألوفهمْ
وهمُ على حذرٍ فمثلهُ يحذرُ
قدْ كانَ يشخبُ بالدماءِ كأنهُ
ياقوتةٌ منها تَدَفَّقَ كوثرُ
فلو اطلعت عليهِ وهوَ مضرَّجٌ
لَمُلئتَ رُعباً منْ جريحٍ يَخْزرُ
ولَّوا فِراراً من مهابةِ عينهِ
يتقدمون وقلبهم يتأخرُ
ويصيحُ يا أبتاهُ حانَ فراقنا
فأتاهُ في غضبٍ كليثٍ يزأرُ
فرأهُ مثلَ كتابِ ربي فُصِّلَتْ
أياتهُ بدمائهِ يتعفر
أبنيَّ ماللعيشِ بعدكَ حاجةٌ
عنديْ وهذا الموت بعدكَ أجدرُ
ومضى بهِ نحو الخيامِ وقلبه
من ثِقْلِ حملِ حبيبهِ يتفطرُ
ولوالدٍ نظرَ الجراحَ بشبلهُ
قد كانَ يرجو قبلَ ذلكَ يُقْبرُ
قوموا لهُ يا آلَ بيتِ مُحمدٍ
واستقبلوا هذا الغلام وكبروا
هذا محمدُ في جلالة فاطمٍ
وهو الحسين وفي المنيةِ حيدرُ
تمت بحمد الله
المادح علي الحلي
المدينة المنورة
1440/8/3
أشرك في ثواب كتابتها والداي واخوتي واخواني وأهل بيتي وابو ناصر والملا حسن وقرابتي والمؤمنين والمؤمنات