طفلتي سمعت صوت علي
✒ عدنان الشعلة
طفلةٌ لي لم تتخطى سِنِيُّ عمرها السنة والنصف، تحفظ بضع كلمات متقطعة، بابتي مامتي سعادي سارة، هذه الكلمات الأربع هي المتداولة عندها، ولكن هناك نداء تستخدمه باستمرار عندما تحتاج إلى عون يعينها، وعندما تبحث عن قوة تساعدها على مهمة ما، فكلما أمسكت بيدها الصغيرة لتصعد معي السلم كان ترفع صوتها وتشحذ قواها بندائها ( يا عيي ) أي ( يا علي ).
هي لا تعلم من هو علي ذاك الذي يمدها بالقوة ويرفع من مؤشر الإصرار والتحدي عندها، هي لم ترى علي بأم عينها، ولم تسمع حسيسه بأذنها، فقط هي تعرف أنه قوة خفية متسربة في عروقها، وطاقة مغمورة في جسدها الصغير تساعدها على تجاوز الصعاب، واختراق المتاعب.
علي هو السكينة وهدئة الروح لها عند منامها، هو البسمة التي تغازلها عند استفاقتها، كل ذلك رضعته مع حليب أمها فكان علي في دمها وعظامها ولحمها وجلدها.
علي هو البذرة التي زرعت في قلوب محبيه، فلو تاهت بنا الدنيا في زخرفات غرورها، وتخبطنا في مستنقعات ذنوبنا، فأول رجعة لله هي بذرة حب علي، هي الطريق للتوبة، حب علي يمحق المعاصي، ويزيح أكوام الرذائل، بذرة علي هي الغصن الذي ينمو وينتشر في قلوبنا فنعود لله بحب علي.
علي متشعب في كل حياتنا، تجده في أنات الموجوعين والمرضى، تراه رفيقاً في زنزانات السجناء والأسرى، تستشعر كفه ممدودة لتمسح دموع اليتامى.
علي صرخة النجاة للحبلى التي تلد، علي دعوة المهموم حينما تعانده الدنيا، ونجوى الغريق في عتمة الليل والأمواج مطبقة عليه، علي هو الكف الرابتة، علي كتف السقيم حينما يهاجمه الوجع.
قد يستشعر البعض أننا نغالي في علي ولكن هذه هي الحقيقة، فحياتنا كلها لا تخلو من ذكر وحب علي، منذ أن يرفع المؤذن صوته بأشهد أن علي ولي الله، يكون يومنا مع علي قد ابتدء، فعند الشروق نلهج بكلمات اللهم يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه، ونغادر منازلنا وندفع صدقاتنا باسم علي، ونشد همة أطفالنا بقول يا علي.
نغالي ؟ أم أن ذلك هو الحب الذي استطاع أن يطوع كل سبل الحياة لنا، فما عدنا نعيش من دون ذلك الحب.
فلا تتعجب إن رأيتنا نعيش السلم والحب والأمان حتى في أحلك ظروف القهر والحزن والألم.
فمن عنده علي سيعرف أن هموم كل هذه الدنيا ومهما بلغت من إيذاء فصبرنا بعلي أكبر وأعظم.
فهنيأ لنا ذلك الحب العظيم.