علي الأكبر … درس في الحب
رضي منصور العسيف
عندما نتأمل العلاقة بين الإمام الحسين (ع) وابنه علي الأكبر نجد أن هذه العلاقة قائمة على أهم الأسس التربوية، فهي علاقة قائمة على الحب المتبادل بين الأب وابنه، ذلك لأن الحب طاقة تخرج من القلب لتغذي باقي أجزاء الجسم، فتغمرها بتلك الأحاسيس الدافئة النابعة منه، ولأن الحب يعطي لحياة الإنسان مذاقاً خاصاً يجعلها أكثر سعادة وتفاؤلاً.
وقد تجلى هذا الحب في الكثير من المواقف:
1 ) : روي أن الإمام الحسين ( عليه السلام ) حينما برز ابنه علي الأكبر يوم الطف قال : ( اللَّهُمَّ أشهد، فقد برز إليهم غُلامٌ أشبهُ النَّاس خَلقاً وخُلقاً ومَنطِقاً برسولك ).(1)
2 ) قال الإمام الحسين (عليه السلام) وقد وقف على مصرعه: ((قتل الله قوماً قتلوك، ما أجرأهم على الرحمن وعلى انتهاك حرمة الرسول (صلى الله عليه وآله)؛ وانهملت عيناه بالدموع، ثم قال: على الدنيا بعدك العفا" (2).
الرحمة جزاء المحبين
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن الله عز وجل ليرحم العبد لشدة حبه لولده (3).
فمن يمتلئ حبًا لولده فإنه سيكون حنونًا ورحيمًا في التعامل معه وسيعيش آفاقًا رحبة من البهجة والسرور، وستفتح له أبوابًا على واحات الجمال وسيرى روعة الحياة من خلال تلك الرحمة الربانية التي ستغشاه لعمق حبه لولده.
مظاهر الحب
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: من قبل ولده كتب الله عز وجل له حسنة، ومن فرحه فرحه الله يوم القيامة،.."(4).
إن التقبيل، والمصافحة، والمعانقة، هي من مظاهر الحب وجميعها تشعر الطرفين بالأمان والاطمئنان، وتعزز الثقة بينهما. بل أن هذه المظاهر لها لمسة سحرية فهي تبعث السعادة وتزيل تلك الشحنات السلبية، وهذا ما تثبته الحقائق العلمية التي تؤكِّد لنا أننا حين نحتضن من نحبُّهم ويحبُّوننا، فإن عددًا من الهرمونات – التي يسمِّيها العلماء: هرمونات السعادة والثقة – تتحفَّز لدينا ولديهم، وتُفرز بقوة لنصبح أكثر هدوءًا وسكينةً وسعادة في لحظات!
كلمة أحبك :
كما أن للكلمة قوتها في إثبات (علاقة الحب) فهي مفتاح القلوب وتنمي العاطفة وتضخ في القلب الحب….ولا يترجم الحب إلا بالكلمة الطيبة …أيها الأبن أحب أبويك كما هما …وأيها الآباء أحبوا أبناءكم كما هم…. فلا تحرموا بعضكم البعض من كلمات الحب التي تعزز من ثقتكم. وتعيد للأسرة حالة من الأمان والتآلف والسعادة.
الحب بطرق عملية
اللعب والمرح مع الطفل له انعكاساته الجميلة، فهو يشيع جوًا من السعادة في أرجاء المنزل، وتشعر الطفل بأنه محبوب، وأن والديه يكنون له عاطفة حب قوية. وقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "من كان عنده صبي فليتصاب له"(5).
نداء الطفل بأحب الأسماء إليه:
رسول الله (صلى الله عليه وآله): "حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، ويحسن أدبه"(6).
سمِّ ابنك اسمًا جميلا ولا تبخل أن تناديه به في كل الأوقات، فهذا يعزز الحب بينكما.
الهدايا … رمز الحب
روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: "من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله، كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج وليبدأ بالإناث قبل الذكور، فإنه من فرَّح ابنة فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل، ومن أقر بعين إبن فكأنما بكى من خشية الله، ومن بكى من خشية الله أدخله جنات النعيم."(7)
الهدايا رموز الحب، وغالبًا يمتد أثر الهدايا لسنوات لاحقة.
من المهم إعطاء الهدايا للأطفال كلغة حب وليس أداة للتلاعب.
إذا لم نقدم الهدايا كتعبير عن الحب فربما يتعلم الأطفال أن يتلقوها كشيء متوقع ولن يدركوا الحب من وراء الهدايا.
حين تكون الهدايا لغة طفلك في الحب فهي تعني له أكثر من مجرد أشياء مادية، إنها تعبيرات ملموسة عن الحب، فهم يقدرون جدًا أنك فكرت بهم.(8)
طرق أخرى :
عبّر لطفلك عن حبك له بطريقة عملية، من خلال الاهتمام برأيه واستشارته في بعض الأمور، وتهتم بمشاعره وتشعره بمكانته وأهميته في الأسرة.
استمع لحديثه، واقبل عليه بكل مشاعرك، وإياك أن تشغل نفسك بأمور أخرى كالانشغال بالجوال أو ما أشبه.
احتفل بإنجازاته وأشعره بأن هذا الإنجاز قد أدخل السعادة على جميع أفراد الأسرة.
أخيرًا تذكروا : اذا استمر الطفل في استقبال الحب، فسوف يعطي الحب بشكل متزايد.
الهوامش :
1 ) : اللهوف في قتلى الطفوف : 67 .
2 ) : الإرشاد: 239.
3 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٤ – الصفحة ٣٦٦٩
4 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٤ – الصفحة ٣٦٦٩
5 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٤ – الصفحة ٣٦٧٠
6 ) : ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٤ – الصفحة ٣٦٨٠
7 ) : بحار الانوار، ج 101، ص94، ح35.
8 ) : كتاب : لغات الحب الخمس التي يستخدمها الأطفال ، جاري تشابمان، روس كامبل