مقالات

الأهداف الصغيرة

تحدثت في المقالة السابقة، بإيجاز، عن الأهداف الصغيرة، إذ لم يكن الموضوع يحتمل المزيد من الاستطراد وذلك للمحافظة وللتركيز أكثر على الفكرة الرئيسة.

إنّ الوضع الراهن، وسط هذا الركود، يحتم علينا أن نفهم مدى نجاح المبادرة، وعلينا أن نبدأ برسم أهدافاً صغيرة يُمكن تحقيقها. ولتحقيق التوازن في حجم الأهدف ينبغي النظر للموارد البشرية التي هي على استعداد لتقديم الجهد تطوعاً، والموارد المالية التي يمكن الحصول عليها من رجال الخير. إنّ الأهداف الصغيرة وإن كانت بسيطة جداً، لكنها ضرورية، فهي تعطي إشارات دقيقة عن مدى نجاح الهدف الصغير فيما لو تطور إلى هدفٍ كبير.

حدث هذا في العديد من المشاريع التي هي اليوم كبيرة. الدوخلة مثلاً بدأ في مكانه، لكنه كان بسيطا جداً، طاولة لتقديم الإفطار وبعض الألعاب للأطفال، ولم يكن على بالهم أن الفعالية الصغيرة التي كانت في بداية الأمر، ستتحول إلى مهرجان ضخم تفتخر به القطيف فقد أعطت "ومضة" في عقول الجهة المنظمة لرسم الهدف الكبير. الأمر ذاته حصل في مهرجان العيد في حلة محيش، ومجموعة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية التي كانت في البداية "ملتقى" للمختصِّين في المجال النفسي والاجتماعي، واليوم تحول إلى "مجموعة" للاستشارات النفسية والتدريب. وكذلك العديد من المشاريع الكبيرة لو تتبعنا بدايتها.

أعلمُ أن التخطيط الاستراتيجي الذي يبدأ بالأهداف الكبيرة وبعدها الأهداف الصغيرة، يتناقض مع ما قلته بشأن الإعلاء من شأن الهدف الصغير قبل الكبير. التبرير يأتي بالنظر لظرف العمل التطوعي الذي يعتمد على موارد غير ثاتبة التي تُمثل أساس التخطيط في المؤسسات الربحية. فأنتَ في العمل التطوعي أمام مجموعة من المتطوعين لديهم من الظروف ما يجعلهم عُرضة للانسحاب في أي وقت، أما الموارد المالية فما تحصل عليه اليوم قد لا تجد منه شيئاً في الغد.

على هذا، وأعيد القول في بداية المشاريع، علينا أن نحدد أهدافاً صغيرة على أمل أن تتحول إلى أهدافٍ كبيرة هي في البداية غير واضحة المعالم وفي انتظار تأطيرها من خلال "ومضات" الهدف الصغير.

صالح مهدي سياب

تنويه : ماورد في المقال وجهة نظر الكاتب ولا تمثل بالضرورة وجهة نظر التطبيق ، كما أن المجال مفتوح للجميع للمشاركة بآرائهم في مختلف المجالات .

زر الذهاب إلى الأعلى