كلمة الجمعة : الشيخ حسين آل خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي يؤمن الخائفين وينجي الصادقين ويرفع المستضعفين ويهلك الظالمين والصلاة والسلام على الداعي للإيمان وفاتح الخير والامان والدال على البر والاحسان نبي الانس والجان المصطفى محمد وآله الغر الميامين الطيبين الطاهرين
(الامن بالخوف من الله)
قال الامام ابو عبد الله الحسين بن علي(ع)(لا يأمن يوم القيامة الا من خاف الله في الدنيا)
الخوف ثمرته الأمن والأمن من رحم الخوف كائن
كما هو الحال لكل وليد رحم ووليد العلم الخشية والخوف ويعني ذلك التوقف والانقطاع والكف والامتناع
هكذا هم اهل العلم والمعرفة انتهوا بعلمهم ومعرفتهم الى خشية الله تعالى وخوفه ووقوفهم على طاعته وعبادته وانقطاعهم عن مخالفته ومعصيته كما جرى ذكرهم في كتاب الله تعالى
حيث يقول الله جل ذكره(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ )فاطر|28
نعم الخشية تكون على مقدار المعرفة والاحاطة كما يقول الرسول(ص)(من كان بالله اعرف كان منه اخوف)
وكذلك يقول امير المؤمنين علي(ع)(اعلم الناس بالله اخوفهم منه)
وهنا يمكن ان يصنف الخوف على وجهين اولهما الذي يكون في وجهه الصحيح والسليم والذي به ينتهي الى الغاية الحسنى
وثانيهما الذي يكون في لباسه الخاطىء السقيم والذي يؤول امره الى الغاية السيئة فالذين يخافون من التأخر والفشل والسقوط ويحسبون لذلك حسابًا ويعدون العدة ويقدمون الاهتمام ليتلافوا الوقوع والانزلاق فهذا الخوف يعد حسنًا وسليمًا
واما من يخاف من الاوهام ومن الامور السرابية والخيالية التي لا تمت للواقع بـصلة فخوفه خاطىء وكاذب
هذا الخوف في ميدانه الحياتي وبوجهيه يمكن ان ننتقل به الى الخوف الاعظم والاكبر وهو الخوف من الله تعالى دون سواءه سواء الشيطان او غيره من اوليائه وعبيده
والله تعالى يقدم دعوته لعباده المؤمنين ان يجعلوا خوفهم منه لا من الشيطان واوليائه عصمةً لهم وحصنًا حيث يقول الله تعالى في كتابه الكريم(إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)آل عمران|175
اذن الخوف من رب الخلق هو الخوف الصحيح والسليم وليس الخوف من خلقه في محله وفي موضعه،اذ الخوف من الله تعالى يكسب الانسان امانه واطمئنانه وخوف كل شيء منه ومن لم يخف الله تعالى اخافه الله من كل شيء اذ يقول الامام جعفر بن محمد الصادق(ع)(من خاف الله عز وجل اخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله عز وجل اخافه الله من كل شيء)
نعم بالخوف من الله تعالى يكون الامن والاستقرار ومعه النجاة من النار والفوز بالجنان وهذا ما قطع به رسول الله(ص) بقوله(من عرضت له فاحشة او شهوة فاجتنبها من مخافة الله عز وجل حرم الله عليه النار وآمنه من الفزع الاكبر وانجز له ما وعده في كتابه في قوله(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)الرحمن|46
وهكذا مافي الخوف من ثمرات عظيمة وجليلة من ابرزها مع مامضى من الثمرات انه يلبس ويكسو صاحبه الحكمة وسلامة السلوك اذ يقول صاحب الحكمة العظيمة الامام الحكيم علي بن ابي طالب(ع)(رأس الحكمة مخافة الله)
ومن الحكمة وسلامة التصرف حين يخاف الانسان ربه وخالقه يفر اليه وحين يخاف المخلوق يفر منه
وهذا كذلك يقوله منبع الحكمة ومصدر المعرفة علي الامير(ع)(اذا خفت الخالق فررت اليه،اذا خفت المخلوق فررت منه)
فالفرار من الله تعالى حين الذنب والمعصية باللجوء اليه والفرار الى حضرته بالتوبة والانابة واصلاح الحال وتطهير المقام والفرار من المخلوق حين الخوف بالابتعاد عنه والانقطاع عن ساحته وكذلك بالامتناع عن ظلم المخلوقين والجور عليهم بل بالاحسان اليهم والذود والدفاع عنهم
وهذا ما عناه واشار اليه داعية العدل والاصلاح ورافع راية البر والخير الامام الحسين(ع) حين قال(لا يأمن يوم القيامة الا من خاف الله في الدنيا)
والخوف من الله في الدنيا يكمن في الاجتناب عن محارم الله ومعاصيه والكف عن الذنوب والخطايا والامتناع عن الظلم والعدوان والسعي في توفير الامن والسلام للآخرين فبهذا ينال من الله الامن والسرور يوم اللقاء اذ بالامن يكون الامن وبالخير يكون الخير وعكس ذلك يكون العكس اي من يكون ديدنه ومسلكه الشر والسعي في ظلم الآخرين والاعتداء عليهم وسلبهم امنهم واطمئنانهم لايحصد الا بمثل مازرع ولا يجني الا بمثل ماغرس وهكذا لكل شجرة ثمرة
فمن يتطلع الى الامن والاستقرار والعيش السعيد فليوفره للغير ويجعلهم يأمنون كما هو يبتغي ذلك ويريد وهذا ما حرص عليه اهل الخير والاصلاح لما هم عليه من معرفة وخشية من الله تعالى واحاطة واسعه بما هو معد من جزاء فيأتون يوم القيامة وهم آمنون واما الذي انتزعت منه المعرفة والخشية والخوف من الله تعالى فحالهم يوم اللقاء ملؤه الخوف والفزع نستجير بالله العظيم
–
نسأل الله اللطيف الخبير ان يوفقنا للعلم والعمل الصالح ويجعلنا من اهل خشيته في الدنيا ومن اهل امنه وسروره يوم القيامة
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة 3|8|1439 هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس