عفاف ٨
عفاف 8
رضي منصور العسيف
سأل حسن والدته: هل ستعود إلينا عفاف مرة أخرى؟
أجابته وقد اختنقت بالعبرة: نعم ستعود بإذن الله … علينا أن ندعو لها بأن تخرج من العملية بصحة وعافية…
لنقرأ يا ولدي هذه الدعاء:
“أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ” النمل/62
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِهِ، وعَافِنِي (عافها) عَافِيَةً كَافِيَةً شَافِيَةً عَالِيَةً نَامِيَةً، عَافِيَةً تُوَلِّدُ فِي بَدَنِي (بدنها)الْعَافِيَةَ، عَافِيَةَ الدُّنْيَا والْآخِرَةِ.
رفع حسن يديه وقال: يا رب.
بعد ساعتين عدتُ للغرفة.
كانت أم حسن بانتظاري…وما إن شاهدتني حتى سارعت بقولها: الحمد لله، الحمد لله على السلامة أيتها العزيزة.
سمعت صوتاً ملائكياً: الحمد الله على السلامة يا خالتي…
نظرت ناحية الصوت رأيته… هذا صوت حسن … دمعت عيناي…
أكمل حديثه: لقد دعوتُ لك بالسلامة…
أجبته بصوت مبحوح: الله يسلمك من كل شر…
قالت أم حسن: نعم لقد قلقنا عليك كثيراً…
أجبتها: شكراً لك شكراً لك، الحمد لله رب العالمين، عذراً لا أزال أشعر بالتعب، سأغفو غفوة بسيطة لأرتاح قليلاً…
فتحت عيناي، فوجدت والداي جالسان بجانبي قالا: الحمد لله على السلامة يا ابنتي … كيف هي صحتك الآن؟
أجبتهما: الحمد لله، فقط ألم العملية.
في هذه الاثناء جاءت أم حسن وقالت: هناك أشخاص يأتون عن طريق الصدفة، لكن بدون مبالغة يدخلون بأعمق نقطة بقلبك. وكما يقول تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا”مريم/96 وهكذا هي عفاف، هي طاقة إيجابية، نفحة روحية طيبة جاءت إلينا فنشرت عبير الراحة النفسية وأنستنا ألم المرض…
تحدثت مع ولدي حسن وكان حديثها بلسما شافيا… كلماتها النابعة من قلبها أعادت الحياة لابني …
نظرتُ لأم حسن وقلت لها: أنت تبالغين…
ضحكت وقالت: هذه هي الحقيقة…
قالت والدتي: هكذا هي أرواح المؤمنين كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها في الله ائتلف، وما تناكر منها في الله اختلف”. ميزان الحكمة ج2، ص 1128
فقد نقابل أشخاصًا نشعُر نحوهم بالأُلْفة ونود الاقترابَ منهم، ونشعر معهم براحة نفسية، وهكذا هي أنت يا سيدة أم حسن.
قالت أم حسن: الحمد لله الذي جمعنا على المحبة والسلام، وإن شاء نجتمع في مكان أفضل…
في الساعة السادسة حضرت حوراء
بعين دامعة قالت: حمدا لله على سلامتك…أهكذا أكون آخر من يعلم..
أجبتها لم يكن لدي وقت للاتصال بك..كان الألم شديدا ولكن الحمد لله، تمت العملية الجراحية بنجاح
شهقت حوراء وقالت: عملية! ماذا تقولين أي عملية أجريت لك..
قلت لها عملية استئصال المرارة، لا تقلقي الأمور بسيطة .. ولكن أخبريني ألم تذهبي للعمل اليوم؟!
قالت: اليوم توفيت السيدة خديجة.
قلت لها ومن هي السيدة خديجة؟!
قالت: والدة مديرنا …توفيت اليوم في هذا المستشفى …كانت منومة منذ شهر ..
شهقتُ، وقلت يا إلهي أتقصدين الخالة خديجة ….كنتُ معها البارحة في نفس الغرفة وقد أعطيتها كوبا من الماء، وقد كان آخر شرابها .. أيعقل أن تكون هذه السيدة هي والدة مديرنا .. ماذا يحدث؟!
قالت حوراء: ما هذه القصة الجديدة التي أسمعها منك لم أفهم شيئا!
تحدثتُ مع حوراء بتفاصيل الحادثة، ثم قلتُ لو كنت معها قبل البارحة لربما لم تتوفى… دمعت عيناي، وقلتُ: موت الأم ألم ممُيت، بفقدها تفقد لذة الأشياء اللهم ارحمها يا رب.
قالت حوراء: للأسف لم يكن مديرنا باراً بوالدته … لكني اليوم رأيته يبكي لفراقها..
قلت: ما يفيد البكاء بعد الفراق…
في صباح اليوم الثاني
بدأت أتحسن كثيرا
جاءت أم حسن وقالت: صباح الخير …صباح العافية..لأصحاب القلوب الصافية…
أجبتها صباحك الصحة والسعادة..كيف هي صحة ابنك حسن ..
أجابتني الحمد لله نام الليلة الماضية دون أن يشتكي من الألم..الحمد لله…
في هذه الأثناء جاء الفريق الطبي وبعد الفحص قالت الطبيبة: الحمد لله على السلامة..صحتك ممتازة ويمكن أن تخرجي اليوم.
قالت أم حسن الحمد لله على السلامة ..
قلت لها عذرا أختي أم حسن أنت وعدتني بالوظيفة ألا تزالي عند وعدك ؟!
قالت: نعم سأرسل لك موقع المعهد، ورقم جوال الأستاذة زهراء مديرة المعهد وسوف أتواصل معها وأخبرها عنك .. لا تقلقي ..
عند الساعة الثانية ظهرا حضرت والدتي وقالت والدك بانتظارنا في السيارة..
قلت لها: لابد أن أودع أم حسن وابنها…
قلت لحسن: ستغادر المستشفى قريبا كن بطلا.
أجابني: أعدك بذلك لن أدع المرض يهاجمني مرة أخرى.
نظرت إلى أم حسن وقلت: لن أقول لكم وداعاً بل إلى لقاء قريب… حتماً سنلتقي، وسنبدأ صفحة جديدة ملؤها الحياة والنشاط…
بعد أسبوع تلقيت اتصالاً من أم حسن وقالت: ألن تحضري للمعهد نحن بانتظارك …
أجبتها: لقد قررت أن أحضر اليوم، لقد تحسنت صحتي والحمد لله…
ذهبت للمعهد، استقبلتني أم حسن وذهبت معها للأستاذة زهراء وقد رحبت بي كثيراً … وقالت: لقد تحدثت عنك الأستاذة أم حسن وأراك كما قالت بل أكثر، ولكن …
قاطعتها قلت لها: ولكن ماذا؟!
للقصة بقية