مقالات

العمل الاجتماعي بين الخمول والاستمرارية (حسين اليوسف أُنموذجاً)

لا يخفى على العاملين في المجال التطوعي والاجتماعي العقبات والصعوبات الكثيرة التي تواجه استمرارية ونجاح العمل الاجتماعي. ولعل من جملة هذه الأسباب وفرة الأيدي العاملة و بالخصوص المتطوع المتخصص. كما أنَّ توفر الدعم المادي يظل من أهم هذه العوامل إلا أن الدعم المعنوي والإلتفاف حول العمل والمشروع الاجتماعي يظل هو العنصر الأهم، فلا يمكن للمشروع التطوعي والاجتماعي أن ينمو ويزدهر في بيئة غير حاضنة إلا ماندر.
وبعيداً عن نجاح المشروع الاجتماعي من عدمه فإنَّ مراحل الإعداد للمشاريع الاجتماعية تبقى عنصر الأساس، إذ أنَّ التخطيط المسبق والمتأني ودراسة الجدوى للمشروع تعد ركيزة أساسية في تحقيق العمل الاجتماعي لأهدافه .

ولعل من أصعب مايواجهه العمل التطوعي أو الاجتماعي هو الاستمرارية والبقاء أو حتى استمرارية تَميُّزه ونجاحه، فقد تعصف به الظروف التي تؤدي لتوقفه أو ضعفه، كالصعوبات المادية أو تباعد المتطوعين أو أحياناً عدم إيمانهم بالمشروع وعدم محاربتهم للظروف التي تواجه نجاحهم.

ولعلنا هنا نتحدث عن شخصية اجتماعية تطوعية قد نجد فيها مفارقات كثيرة وأمثلة كثيرة وشواهد على أنَّ المتطوع المؤمن بعمله ومشروعه هو الرقم الصعب الذي قلما تجد له مثيل. هنا نتحدث عن الراحل حسين بن عيسى اليوسف والصفات التي يمتلكها وتميَّزَ بها خلال مسيرته في العمل الاجتماعي والتطوعي.

حسين اليوسف الذي كان بين أقرانه في العمل الاجتماعي كنحلة لا تتوقف. كان يؤمن بكل عمل يشارك فيه ويقاتل من أجل نجاحه. ولعل من رافقه في العمل الاجتماعي وعمل معه عن قرب رأى تفاني “أبو علي” و بذله لوقته وجهده وماله من أجل المشروع الاجتماعي.

حسين اليوسف “ساعي البريد” الذي كان يوصل رسائلهُ التطوعية أينما حلَّ ولعلَّ أغلبنا لم يعِ تلك الرسائل حتى غادرنا “أبو علي” فأثكل مجتمع بأكمله و عرفنا قيمة هذا الرجل المعطاء والمتفاني الذي قل نظيره.

قد نختصر حسين اليوسف بأنه أحد رواد الاحتفالات الدينية بالبلدة و أحد أعمدة الموكب وأحد القائمين على مسجد الزهراء خلال فترة طويلة وكان مواظباً في صلاة الجماعة فيه وإحياء دعاء كميل وكان من الساعين لتسقيف المسجد وإدخال الكهرباء فيه واستمر بخدمة المسجد لسنوات، كما أنه مؤسس مأتم سيدة النساء الذي بدأ في جامع البلدة الرئيسي ” مسجد الشيخ عقيل”.

لم يغب “أبو علي” بل كان له وجود بارز في أنشطة البلدة الاجتماعية حيث كان أحد الممثلين في جماعة المسرح وشارك في عدد من المسرحيات التي كانت تعرض في الزواج الجماعي والمناسبات الدينية بالبلدة. ومؤخراً كان لأبو علي دور كبير في تدشين النسخة الأولى من الفطور الجماعي الأول لأهالي البلدة بشهر رمضان المبارك مع مجموعة من شباب البلدة، كما كان مسؤول عن الضيافة والشاي بالفطور، و أما المضيف فهذه حكاية أخرى من البذل والعطاء والسخاء والتفاني الذي كان يملكة “أبو علي”. ولعلي أقول أنا من خلال تجربتي في مجال العمل التطوعي أن: “أبو علي” كان مدرسة تطوعية لكل من عمل معه وشارك معه في صناعة مشروع اجتماعي.

حسين اليوسف مثال يجب أن يخلد في ذاكرتنا التطوعية إذ قلما نجد شخصية بهذا التفاني والعطاء والاستمرار بالعمل الاجتماعي طوال حياته بلا كللٍ ولا ملل، فمنه تعلمنا أن لا نتوقف عن العمل حتى وإن قلت الأيدي العاملة، وأن لا نترك العمل الاجتماعي عند توقف المشروع بل يجب علينا ابتكار وتأسيس عمل اجتماعي آخر وهذا كان ديدن الفقيد العزيز.

يعز علي كتابة هذه السطور ُّويعز علي رثاء صديق تعلمتُ منهُ الكثير في حبِّ خدمة مجتمعه عبر العمل الاجتماعي والتطوعي.

رحمك الله عزيزنا أبا علي و أسكنك الفردوس الأعلى وأعلى درجاتك في الجنان وألهم أهلك ومحبيك الصبر والسلوان.

✒️ علي الدمستاني
📌 رئيس جمعية التنمية الأهلية بحلة محيش

تعليق واحد

  1. احسنت على هذه الكلمات والمفردات المتعلقة بالشاب المرحوم حسين اليوسف (ابوعلي)
    فعلاً قل نظيره.
    عليه رحمة الله واسكنه واسع الدرجات واعلى مقامه

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى