مقالات

إماطة الأذى عن المشاعر

رضي منصور العسيف

خرج من الديوانية وهو محمر الوجه…بينما ضحك الآخر ساخراً وقال ألم أقل لكم أنه لا يتحمل المزاح..

نظرت إليه وقلت ماذا تقول عن أي مزاح تتكلم؟! هل تسمي إحراج الآخرين مزاحاً؟! هل تسمي جرح مشاعر الآخرين مزاحا؟! ألم تسمع ما قاله الشاعر

وقد يُرجى لجرح السيف برءٌ

ولا برءٌ لما جرحَ اللـسانُ !

يا لك من ساذج…

خرجت من الديوانية أبحث عنه.. قلت لعله لم يتحرك بسيارته.. بحثت عنه لكنه غادر سريعا….

لم تكن كلمات الطرف الآخر كلمات مناسبة بل كانت كسهام اخترقت قلبي صديقي …

اتصلت عليه وقلت هل يمكن أن أتحدث معك قليلا؟

التقيت به نظرت إليه وقلت هيا يا صديقي ما حدث حدث ولكن تتوقف الحياة لهذا الموقف…

نظر إلي وقال بصوت محزون: لماذا بعض الناس قساة؟! لماذا هذا التنمر والاستهزاء والاستخفاف بمشاعر الآخرين؟!

قلت له كن بطلا وتجاوز هذا الموقف لا تدعه يقف حجر عثرة أمامك …ماذا يعني لو أن أحدنا فشل في مشروع تجاري …هذا لايعني أنها النهاية …اقرأ التاريخ لتجد كم هم الذين تعثروا في حياتهم ولكنهم صمدوا واستفادوا من الموقف وبدأوا حياة جديدة مبنية على الاستفادة من التجربة وبروح جديدة …لقد استطاعوا أن يتسلقوا سلم النجاح من جديد …فلا تقف عند هذه النقطة وعليك أن تعقد العزم لتبدأ رحلة جديدة ..

نظر إلي وقال يا صديقي:

المشاعر كزجاج المرآة، إذا انشرخ قد يمكن لصقه وإعادته إلى ما كان عليه، لكن أثر الشّرخ يبقى ظاهرا إلى نهاية العمر..

ابتسمت إليه وقلت هذه العبارة قيلت في ذلك الزمن يومها لم تكن تكنولوجيا إصلاح الزجاج …الان هناك من يعيده إلى مثل وضعه السابق تماما ..

ابتسم وقال إلا المشاعر …

قلت بما انك ابتسمت معنى هذا انك ستتجاوز هذا الموقف..يا عزيزي إن أردت أن تكون ناجحا، يجب أن تتعلم أنه ليس لديك وقت لمثل هذه التفاهات، والمضايقات عليك أن تركز طاقتك ووقتك لما يفيدك وليس لما يضايقك ويحزنك. وكما يقول الإمام علي (عليه السلام): إن العاقل نصفه احتمال، ونصفه تغافل (1).

مضت سنة على هذا الموقف

التقيت به وسألته عن حاله…

أجابني مبتسما الحمد لله تم ترميم الزجاج بطريقة حديثة ومتقنة وها هو المشروع التجاري الجديد يحقق نجاحاته يوما بعد يوم … أشكرك يا صديقي..

همسة اجتماعية

تذكر يا صديقي أن إماطة الأذى عن مشاعر وقلوب الناس لايقل درجة عن إماطة الأذى عن طريقهم.

فكن صاحب الكلمة الطيبة التي تعيد الروح والحياة للإنسان.. كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أكرم أخاه المسلم بكلمة يلطفه بها وفرج عنه كربته لم يزل في ظل الله الممدود عليه الرحمة ما كان في ذلك (2).

كن ممن يجبر الخواطر ويراعي المشاعر …

انتقي كلماتك وتلطف بافعالك ولا تؤلم أحداً (وقولوا للناس حسنا).

الهوامش:

(2) غرر الحكم ودرر الكلم

(2) الكافي – الشيخ الكليني – ج ٢ – الصفحة ٢٠٦

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى