مقالات

تغرّب طلاب الثانوية مسؤولية من؟!

فؤاد الحمود

مرحلة المراهقة المتوسطة هي فترة الدراسة الثانوية، فهي لها خصائص وسمات جسمانية وعقلية واجتماعية وعاطفية، لذا تعتبر مرحلة مهمة في حياة الشباب وتحتاج لعناية خاصة واستقرار.

ففي هذه المرحلة يكون الشاب قادراً على تكوين العادات الصحيحة السليمة، كما أنها تحتاج إلى توفير القدر الكافي من الطعام والنوم، وفي هذه الفترة تظهر على المراهق علامات التوتر والقلق النفسي، ويكون غير متقبل للنصائح من قبل الكبار.

فيتجه عادة إلى التكوين الشللي، وتقويّة العلاقات بمن هم في عمره لتفهّمهم مشاعره، وفيها يتجه نحو الاستقلاليّة والحريّة، وتأخذ الشخصيّة طريقها للنمو، فهي مرحلة صراع بين التغييرات الفسيولوجية والنفسية مما يترتب عليه حدوث التنافر بين الشاب وبين أسرته، وهو في الواقع في أمس الحاجة لهم.

كما أنّه يسعى في المرحلة إلى إثبات نضجه، ويميل إلى التحرّر من سلطة الكبار، والتي يعبّر عنها عادة بأنهم غير متفهمين له، ولاحتياجاته المتنوّعة.

وفي نفس الوقت تتكون لديه احتياجات ضروريّة منها التقدير الاجتماعي لأنّه يبحث عن الذّات، لذا تجد الكثير منهم يحاولون الظهور في الأوساط الاجتماعية، إضافة إلى أنه يكون في أحلك الظروف والحاجة للإرشاد والتوجيه حتى لا يمر بتجارب الفشل التي قد يوصم بها وتسبب له الانهزاميّة.

ومن أهم تلك الحاجات هي الشعور بالاستقرار، وهي من عوامل الإنتاج الفكري، حيث إن إحساسه بذلك سيدفعه نحو الإبداع لكسب المكانة المرجوّة في مجتمعه، بينما لو تسلط عليه الخوف فسيعمل على تحطيمه، وبالتالي ستظهر الآثار السلبيّة في تكوينه.

هذه المرحلة الخطيرة ما أحوج الشاب فيها لأن يكون داخل أسرته حتى لا يتعرض لمثل هذه الاضطرابات والتشوهات، بينما نجد أن هناك ظاهرة بدأت تخرج إلى السطح لدينا في المنطقة ولدى الكثير من الأسر التي أعوزها الخوف من المستقبل المجهول لأبنائهم في حصولهم على الفرصة الملائمة في التخصص أو الجامعة التي يسعون لها رغم حصولهم على نتائج متقدّمة في درجات المرحلة الثانوية.

وأصل المشكلة قد تكفّل جملة من الكتّاب بطرحها على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ومن مختلف المستويات وهي تخصيص المناطق بالقبول الجامعي على حسب أولويّة التخرج من منطقة الجامعة لا على مستوى التحصيل العلمي، وبالتالي فقدان مجموعة من طلاب المنطقة الشرقية دخولهم للكثير من الجامعات في المملكة؛ لكونهم خارج منطقة تلك الجامعات، وفي المقابل؛ نجد محدوديّة الجامعات في المنطقة الشرقية، وفسح المجال في الشرقية بالتساوي لجميع أبناء الوطن من دون تحديد لأولوية أبناء المنطقة الشرقية بكافة محافظاتها ومدنها وبلداتها وقراها.

هذه المشكلة حتّمت على أبناء وبنات المنطقة الشرقية التوجه للمناطق الأخرى للالتحاق بالمدارس الثانوية متحمّلين خطورة البعد عن الجو الأسري والذي هم أحوج ما يكونون له حيث تتشكل شخصياتهم، وحتى لا يتعرضون للكثير من الخلل البنّيوي.

إضافة إلى تحمّل الأسر الكثير من الأعباء المادية والتي لم تجد حلاً لمشكلة قبولهم في الجامعات إلا الاضطرار واللجوء لإلحاق أبنائهم في مدارس أغلبها أهلية وتكبد المبالغ الباهظة والتي لا تقل عن خمسة وثلاثين ألف ريال بين أجور المدرسة والسكن والمواصلات والتغذية والمصاريف الأخرى.

إن انتشار مثل هذه الظواهر في تغرب الأبناء عن أسرهم وهم في أمس الحاجة لهم ستكون لها تبعات وآثار سلبيّة وخيمة على المستوى النفسي والاجتماعي والنمائي في هذه المرحلة التي من طبعها تميل إلى تكوين الشللية ولا تكون عادة على نمط الأسرة وأهدافها.

فقد كانت بعض محافظات المنطقة الشرقية ومنها القطيف تأمل أن ترى فيها صرحاً جامعياً، حيث تحصد مدارس القطيف على سبيل المثال الرتب المتقدمة في نتائج اختبارات القدرات المقننة على مستوى المملكة، كما في السنوات الماضية، لكنها رغم هذا اضطرت بعض الأسر أن ترسل أبناءها لمناطق أخرى لإكمال الثانوية لضمان الحصول على فرصة مقعد جامعي حيث تحسب الأولوية للمنطقة التي تخرج فيها الطالب.

فهنا تكمن الحاجة لإعادة النظر في مسألة الأولوية من قبل التعليم، وكلنا أمل أن يكون ذلك على سلم أولوياتها الملحة، خاصة أن الدولة وفرت لهذه الوزارة إمكانيات ضخمة جدًا وميزانيات مليارية لرعاية أبنائنا وبناتنا وسخرت لذلك كافة الإمكانيات.

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى