مقالات

رحيل الأقطاب في ذكرى شهادة الإمام السجاد (عليه السلام)

في عام ١٤٣٨ه في ذكرى شهادة الإمام زين العابدين (عليه السلام) إرتحل إلى الرفيق الأعلى أحد الأقطاب و هو  المرجع الديني الراحل السيد تقي القمي (قدس سره) و بعدها بخمسة أعوام و في نفس الذكرى يرتحل عن عالمنا الفاني قطباً أخر و هو المرجع الديني السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره).
   عندما يهم الإنسان بالكتابة عن الشخصيات العظيمة فأنه سيقف حائراً عاجزاً عن الكتابة بسبب ضحألة مستواه أمام هكذا شخصيات عملاقة، و لكنه سيكتفي بنقل ما سمعه أو قرأه عن تلك الشخصيات العملاقة و بالأخص المرجع الكبير الراحل السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره).
فالسيد رضوان الله عليه من تلك الشجرة العلمية آل الحكيم التي غذت العالم الشيعي بالعلم و الفقاهه على مختلف الأزمنة، و في المقابل فأنها عانت من بطش و ظلم نظام البعث، و بالطبع فأن المرجع الراحل قد عانى من سجن ذلك النظام حتى مكث في السجن لمدة تفوق الثمان سنوات ظلماً و عدواناً بدءاً من عام ١٩٨٣ م إلى عام ١٩٩١ م صابراً على التعذيب و التنكيل به  و لكنه بقي كالجبل الشامخ لا يأن و لا يتوجع أمام معذبيه، بل أنه يطلب منهم ضربه و تعذيبه بدلاً من الشباب لعطفه و حبه و رعايته  لأيتام آل بيت الرسول (صلوات الله عليهم) في أحلك الظروف و على حساب نفسه، مما سبب له الأمراض في جسده الشريف.
و لم يفوت هذا القطب الأشم رضوان الله عليه تلك الفترة دون الإلتفات للعلم و العلماء فلله دره كيف إستطاع تدريس العلماء من عائلة الحكيم البحوث العليا دون مصادر و دون تدوين مسبق لتلك الدروس ، و لكن لا غرابة في ذلك ممن كان يجمع بقايا علب الدخان المتبعثرة في ذلك السجن لكتابة الكتب العلمية المتخصصة دون وجود مصادر سوى كتاب الله عزّ وجلّ.
و أما على المستوى العام فقد اهتم قدس سره بتثبيت العقائد الحقة و مواجهة الشبهات المختلفة و توجيه العلماء و الباحثين إلى الإهتمام بالبحوث العقائدية و مواجهة الشبهات، و من شواهد ذلك كتابه المعروف (في رحاب العقيدة) في ثلاث مجلدات و المتضمن إجاباته التفصيلية على أسئلة عقائدية وجهها أحد الباحثين من الجنسية الأردنية من خريجي قسم الشريعة.
و كيف لا يكون كذلك و هو  المرتبط بأهل بيت النبوة صلوات الله عليهم و المتفاني بحبهم، و المحيط بالكثير من كتب الحديث الحاكية للسنة من أقوالهم، و إحياؤه شعائرهم و بالأخص ذكرى شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) فقد كان يقرأ بنفسه مقتل سيد الشهداء (عليه السلام)، و يمشي في الأربعين لزيارته.
و أما على مستوى الإهتمام بالمعالم الدينية فقد أعاد بناء و تجديد  مسجد السهلة الضخم و الكثير من المساجد في العراق و خارجها.
و أعاد بناء مدرسة دار الحكمة في النجف الأشرف التي أسسها جده مرجع الطائفة السيد محسن الحكيم قدس سره، و التي قام حزب البعث بتفجيرها و هدمها في الإنتفاضة الشعبانية.
  و إلى هنا يقف القلم عاجزاً عن الكتابة في هذا الطود الشامخ الذي ثلم الإسلام بفقده و لكنه بالمقابل سيكون باقياً ما بقي الدهر.

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى