مقالات

الهرمون الاجتماعي

رضي منصور العسيف

كان يرتشف قهوته وهو غارق في التفكير …
تبدو عليه علامات الحزن …
نظر إلى ساعته … توجه للمحاسب …
قال له المحاسب : عفواً أيها السيد لقد نسيت جوالك على الطاولة … أنظر … إنه هناك …
انفرجت اساريره …ابتسم للمحاسب… قائلاً: شكراً لك … لقد اسعدتني بتصرفك هذا…

في هذه الحادثة تم تفعيل هرمون يسمى (الأوكسيتوسين) أو ما يسمى بـ“الهرمون الاجتماعي”؛ وهو عبارة عن تفاعل بين بيني البشر عن طريق التصافح، أو المعانقة أو الكلمات الجميلة، أو تقديم الهدايا..أو غيرها.
وتشير إحدى الأبحاث إلى أن الأوكسيتوسين له تأثير إيجابي على السلوكيات الاجتماعية المتعلقة بالاسترخاء والثقة بالنفس والاستقرار النفسي الشامل، كما تبين أن هذا الهرمون يخفض مستويات التوتر والقلق عند إطلاقه في أجزاء معينة من الدماغ،
ويمكن لهذا الهرمون أن يستمر مؤثراً في ذاتك وفي الآخرين حينما تقوم بأعمال إيجابية.
وفي هذا المقال سأقتبس لكم بعض كلمات الإمام الرضا عليه السلام التي من شأنها أن تحفز هذا الهرمون وتجعله منتجاً بصفة مستمرة.

ساعد الآخرين
قال الإمام الرضا(عليه السلام): احرصوا على قضاء حوائج المؤمنين وإدخال السرور عليهم ودفع المكروه عنهم(1).
إن مساعدة الآخرين وإدخال السرور على قلوبهم من شأنها أن تعزز هذا الهرمون في النفوس، ومن ثم الشعور بالسعادة.
هناك مثل صيني يقول: “إذا أردت السعادة لمدة ساعة، خذ قيلولة. وإذا أردت السعادة لمدة يوم كامل، اذهب لصيد السمك. إذا أردت السعادة لمدة عام، تحتاج إلى ثروة. أما إذا أردت السعادة لمدى الحياة، ساعد شخص ما”.

عبر عن شكرك وتقديرك
قال الإمام الرضا (عليه السلام): من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز وجل (2).
إن للشكر تأثير عجيب في التعامل مع الآخرين، فهو يدفعهم للعمل والانتاج والفاعلية ومن ثم فهو أحد طرق النجاح في حياة الناس، كما أن للشكر تأثير على نفسية الإنسان فهو مؤثر على دماغ الإنسان ونظام المناعة، كما أن له دورٌ وتأثير محفز لطاقة الإنسان ودفعه نحو النجاح.

شارك أموالك
روي: «أن فقيراً قال له (للإمام الرضا) : أعطني على قدر مروّتك.
فأجابه الإمام(عليه السلام) : «لا يسعني ذلك» .
والتفت الفقير الى خطأ كلامه فقال ثانياً : اعطني على قدر مروّتي.
وهنا قابله الإمام(عليه السلام) ببسمات فيّاضة بالبشر قائلاً له: اذن نعم .
ثم قال: يا غلام! أعطه مائتي دينار» (3)
يمكنك أن تشارك بجزء يسير من أموالك مع الآخرين في أمور إيجابية، مثل الاشتراك في جمعية خيرية، أو دفع صدقة يومية، إن هذه المشاركة من شأنها أن تحسن من أسلوب حياتهم وتبني لهم حياة كريمة .

تواصل مع الآخرين
قال الإمام الرضا(عليه السلام): تزاوروا تحابوا وتصافحوا ولا تحاشموا (4).
الإنسان اجتماعي وتواصلي بطبعه، وقد وجد أن أسعد الناس هم الذين على تواصل وثيق مع الأصدقاء والأرحام، والجيران، ويستثمرون هذا التواصل في منحهم دعماً للتغلب على الأزمات الصعبة، كما يمنحهم شعوراً بتقدير الذات.

احترس من السلبيين
قال الإمام الرضا (عليه السلام): صديق الجاهل في تعب (5).
السعداء هم الذين يبتعدون عن تلك الأجواء السلبية المتمثلة في أصدقاء أو محيط اجتماعي، لأن هذه الأجواء تسلبهم لذة الحياة، وتفقدهم انتاجيتهم.
السعداء هم الذين يحمون أنفسهم من السلبية ويبحثون عن تلك الأجواء الإيجابية والأشياء الجديدة التي تعزز نفسيتهم وتدفعهم نحو العمل والحياة.

في الختام: افعل شيئاً لطيفاً في كل مكان تكون فيه، لتستمر فاعلية الهرمون الاجتماعي.

الهوامش:
1) فقه الرضا – علي بن بابويه – ص 339
2) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٤٩٣
3) أعلام الهداية الإمام الرضا (عليه السلام) ص 29
4) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٧٥ – الصفحة ٣٤٧
5) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٥٨٦

تعليق واحد

  1. احسنت ابا محمد موضوع جميل جدا. واهل الببت عليهم السلام هم قدوتنا.

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى