مقالات

لكي لا تندم !!


رضي منصور العسيف

قال تعالى: ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ [الزمر: 56].

ماذا يعني الندم؟
هل هو الانطواء والحسرة على ما فات؟
لا يعني الندم التحسر على ما فات، بل هي إعلان صفحة جديدة لحياة جديدة، وهو ترميم لتلك التصدعات وتلك الندبات التي أحدثها الإنسان في مسيرته الحياتية.
في هذه المقالة أذكر لكم بعض النقاط التي ينبغي التركيز عليها حتى لا نصاب بالندم:

عزز الجانب الروحي في شخصيتك
لا تهمل هذا الجانب فهو الروح الداخلية للإنسان، حافظ على أداء الصلاة في أوقاتها وستجد تأثيرها على روحك يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من عبد اهتم بمواقيت الصلاة ومواضع الشمس إلا ضمنت له الروح عند الموت، وانقطاع الهموم والأحزان، والنجاة من النار (1).
اصنع لنفسك برنامجاً روحياً
قراءة القرآن، الصلوات المستحبة، الدعاء، الصدقة، كثرة ذكر الله، وغيرها من الأعمال التي تجعلك تعيش حالة من الاستقرار النفسي والطمأنينة.

احذر من الاحتراق الوظيفي
إياكَ أن تمضي حياتك بالعمل الشاق والمجهد دون الحصول على الراحة والفرصة للجلوس مع العائلة والأصدقاء، ففي هذا العمل أنت تخسر أجمل اللحظات من السعادة.
كما أن الاحتراق الوظيفي يسبب الكثير من المضاعفات منها التعب وإهمال الذات، المشاكل الصحية، ومن ثم فإن من يسيطر عليه الاحتراق الوظيفي سيجد نفسه في نهاية المطاف من (النادمين).
المطلوب هو العمل والاخلاص ولكن لا تدعه يسرق منك صحتك وعائلتك.

حافظ على الصداقة المبدئية
روي عن الإمام الهادي (عليه السلام): المراء يفسد الصداقة القديمة، ويحلل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون فيه المغالبة، والمغالبة من أسباب القطيعة (2).
الصداقة القديمة التي نشأت على المبادئ والقيم ينبغي المحافظة عليها وأن لا ندع لخيوط الشيطان بالتسلل لها وتدميرها، مهما حدث من زلات أو هفوات فلابد من التمسك بهذه الصداقة لما لها من تاريخ مليء بالإيجابيات ولذا ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله تعالى يحب المداومة على الإخاء القديم فداوموا عليه (3).
إن التفريط بهذه الصداقة من شأنه أن يسبب الألم والندم ولذا لابد من التمسك بها والعض عليها بالنواجد.

لا تتعجل في قراراتك
قال الإمام علي (عليه السلام): أشد الناس ندامة وأكثرهم ملامة: العجل النزق الذي لا يدركه عقله إلا بعد فوت أمره (4).
قصص كثيرة تحكي عن نتيجة العجلة وما ينتج عنها من ندم، فكم من شاب خالف أنظمة المرور وكانت النتيجة وفاة أو اعاقة دائمة…والمواقف كثيرة، إلا أن هناك أمراً في غاية الأهمية وهو (التأني في اتخاذ القرارات المصيرية) فلا تتعجل في قرار ما يتعلق بوظيفة أو زواج أو غيره بل عليك أن تتريث و تتثبت حتى تتضح لك معالم الأمور، المندفعون في اتخاذ القرارات اكثرهم ندماً. يقول الإمام الصادق (عليه السلام): مع التثبت تكون السلامة، ومع العجلة تكون الندامة (5).
إن أفضل طريق للنجاح والأمن من الندم هو أن يفكر الإنسان في نتيجة عمله، وهدفية عمله، ومناسبة عمله. قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : قف عند كل أمر حتى تعرف مدخله من مخرجه ، قبل أن تقع فيه فتندم (6).

انتبه لكلماتك
رب كلمة أورثت ندامة…فلا تجعل كلماتك كالسياط على الآخرين، وابتعد عن الشدة والغلظة والارهاب وفرض الرأي على الآخرين، ففي هذا السلوك تأثيره على نفسياتهم ويسبب لهم الأذى والهم والحزن، فلا تدع لسانك يسبب لك ولمن حولك الأذى والألم والندامة، يقول الإمام علي (عليه السلام): “من لم يملك لسانه يندم” وقال ” من سجن لسانه أمن من ندمه”(7).
وقد يكون الصمت في مواقف معينة أنجح من الكلام، قال داود (عليه السلام) – لسليمان (عليه السلام) -: يا بني، عليك بطول الصمت إلا من خير، فإن الندامة على طول الصمت مرة واحدة خير من الندامة على كثرة الكلام مرات (8).

الهوامش:
1 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٦٤٣
2 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٥٨٧
3 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٤٤
4 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٤ – الصفحة ٣٢٧٠
5 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ١٨٣٤
6 ) تحف العقول : ص 304 .
7 ) غرر الحكم ودرر الكلم
8 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٧٤٠

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى