مقالات: آثار نهضة الإمام الحسين عليه السلام
حسين الغزوي
كانت نهضة الإمام الحسين عليه السلام إنعطافة مفصلية في تاريخ و واقع الأمة بحيث لم يقتصر آثرها على الحقبة التاريخية
التي وقعت فيها و إنما امتد آثرها على كل العصور و الأزمنة، و لذلك فأنها قد خلفت الكثير من الآثار المضيئة في الواقع الإسلامي، و من أبرز تلك الآثار و النتائج :
القضاء على شرعية تلك الدولة بمنظورها الإسلامي، فلو أن الإمام الحسين عليه السلام بايع يزيد لتأكدت شريعة خلافته و التي كان منتظراً منها القضاء على الدين الإسلامي بتحريفه تدريجياً بواسطة علماء السوء بنحو لا يستفز العامة، فكلما ألف العامة تحريفاً إنتقل إلى التحريف الأعلى و هكذا، حتى يتم تحويل الدين الإسلامي إلى دين خرافات و أساطير لا يتقبلها العقل السليم و لا الفطرة السليمة بحيث لا يتقبله أصحاب المعرفة و العقول أو يصبح توارثه بحكم الإنتساب التراثي و التعصب لما ورثوه عن آبائهم و أجدادهم كما حل بالديانات السماوية الأخرى، و يتضح ذلك في العرب جلياً قبل الإسلام حيث بقيت فيهم بعض ملامح دين نبي الله إبراهيم عليه السلام مثل الحج والعمرة و الختان و غير ذلك.
و من جهة أخرى فقد فصل الإمام الحسين عليه السلام بنهضته السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية لكي لا تتحكم السلطة التنفيذية بالدين و تحوله خادماً له، و التي ستكون نتائجه وخيمة على الدين الإسلامي بتلويثه بجرائم السلطة و تصويره للعامة بأنه دين جاء لتقوية سلطان الحاكم ، و جعله عبارة عن طقوس و شعارات فارغة كما حدث ذلك مع الديانات السماوية الأخرى، و من المعلوم بأن ذلك كان أحد الأسباب الرئيسية التي إتخذتها المذاهب المادية مثل الشيوعية و الرأسمالية في الغرب من الدين في العصور المظلمة بتحكم السلطة التنفيذية بالمؤسسات الدينية لخدمة أهدافها بإستعباد شعوبها، و بذلك فقد فقدت السلطة شرعيتها الدينية بتلك الجريمة النكراء بقتل الإمام الحسين عليه السلام مما جعل علاقتها بالرعية علاقة القوي بالضعيف و الجلاد بالمجلود، مما جعل يزيد يتوغل بجرائمه و يتجاهر بمعاصيه لمعرفته بعدم فائدة مجاملة العامة بتستر أمره عليهم، و بذلك فقد فقدت السلطة القدرة على تثقيف العامة وفق رغباتها بالتحريف.
و بذلك فقد كانت هذه خدمة للدين الإسلامي بتبيان أن السلطة ليس هي الممثلة للدين في ذلك الوقت، و عنذئذ قامت الثورات تباعاً مثل ثورة أهل المدينة المنورة و نشأ أثر ذلك واقعة الحرة الفظيعة، و ثورة إبن الزبير و التي نتج عنها إحراق مكة المكرمة بالمنجنيق حتى إحترفت الكعبة المشرفة، و تولت ثورات التوابين و المختار الثقفي و غيرها من الثورات، مما جعل الفقهاء يفتون بحرمة طاعة السلطان بمعصية الله عز وجل.
و بعد ذلك تحرر الدين من قبضة السلطة التنفيذية بسقوط شرعيتها مما نتج عنه توجه العامة على إختلاف مشاربهم للتوجه الديني و التخصص فيه لحاجتهم له، و شيئاً فشيئاً قويت هذه الطبقة بتعلق العامة بهم فظهر الفقهاء و المحدثين.
و لعل تلك النتائج لم تؤتي أكلها إلا بأستصحاب الإمام الحسين عليه السلام للسيدة زينب عليها السلام و التي كانت عبارة عن السلطة الرابعة و هي سلطة الإعلام، مما فوت الفرصة على يزيد بالتحكم بتلك السلطة لترويج أكاذيبه حول واقعة كربلاء.
السلام على الحسين وعلى أولاد الحسين و على أنصار الحسين المستشهدين بين يديه.