مقالات: التخريب في الحياة الاجتماعية
بقلم: جواد المعراج
إحداث الخراب لا يقتصر على الأفعال، والسلوكيات فقط، بل أنه أيضا مرتبط ببعض الأفكار والثقافات السلبية التي تجعل فئة من البشر تتعمق في أستخدام الكثير من الوسائل التي تساعد على انتشار التخريب في البيئة الاجتماعية، فعندما تصبح ثقافة التخريب راسخة في عقول بعض الناس، فإنها ستصبح في نهاية المطاف أنشطة وممارسات يومية لها هدف في إثارة النزاعات بين أفراد المجتمع، ومن هذه الناحية يصبح أصحاب الأنشطة التخريبية غير مدركين للعواقب الوخيمة المؤدية إلى جعلهم في قفص الاتهام، كذلك يتم ممارسة حكم القضاء عليهم، لأن لديهم إصرار على عدم تحمل المسؤولية الاجتماعية.
إن مواجهة الأنشطة التخريبية بمختلف أشكالها يتطلب إرادة صلبة، وشخصيات لديها نفوذ اجتماعي، وقواعد شعبية، وذلك من أجل السيطرة على الرأي العام، وتحريكه نحو المسارات الصحيحة، من أجل تعزيز نشر الثقافة التحذيرية والوقائية والتوعوية التي تساعد على تقليص فجوة الأنشطة التخريبية في البيئة الاجتماعية، لأنها تعتبر مرض اجتماعي خطير يؤدي إلى خلق العديد من المشاكل والقضايا الكبيرة في المجتمع.
أسباب اللجوء إلى أستخدام التخريب تضمن في الغالب حيلة لجذب الانتباه ولفت الأنظار، ووسيلة للشهرة بالنسبة لأصحاب النفوس المريضة، وقد يكون التخريب في بعض الأحيان وسيلة للتنفيس عن الشعور بالغضب والقهر، ومن جهة أخرى أن أسباب لجوء بعض الأشخاص إلى أستخدام التخريب تضمن أحيانا محاولة تحقيق بعض الأغراض المرتبطة بالمصالح والمآرب الشخصية، والحصول على بعض المكاسب المعنوية والنفسية، فإن بعض الناس يصاب بضيق النفس، ولا يرتاح باله إلا إذا قام بإحداث ضجة في المجتمع، أو انتقم من بعض الشخصيات الاجتماعية.
أثار الأنشطة التخريبية تكون مؤقتة في البيئة الاجتماعية، إذا سرعان ما يزول مفعولها في حال تم رفضها من قبل أصحاب العقول الواعية، كذلك مع وجود ضغوطات اجتماعية رافضة للوسائل التي لها أثار تدميرية على الفرد والمجتمع، ومن هذا المنطلق يصبح أصحاب الأنشطة التخريبية محصورين في دائرة ضيقة تجعلهم يعرضوا أنفسهم للشبهة والانتقاد الدائم من قبل أفراد المجتمع، بالإضافة إلى ذلك تعريض أنفسهم للخطر والتوترات الاجتماعية.
وللوسائل التخريبية صور متعددة منها:
(1) التفحيط، والتجمع في فترة انتشار الوباء، وعدم الالتزام بالقوانين والتوجيهات الصادرة من الجهات الحكومية والرسمية.
(2) تشويه سمعة الناس.
(3) نشر الشائعات والأخبار المزيفة.
(4) نشر التعليقات الجارحة في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال أستخدام أساليب التسقيط والتنمر التي لها هدف في تهديد وتخويف الآخرين.
(5) تكسير الممتلكات العامة والخاصة.
(6) الكتابة على جدران المرافق العامة عن طريق أستخدام عبارات مسيئة ورسوم غريبة.
(7) إزعاج الناس القاطنين بالقرى والمدن، وذلك من خلال قيادة المركبة بسرعة ثم الدهس المتعمد على “فرامل السيارة”، مما يؤدي لإصدار صوت عالي ومزعج.
(8) نشر أي صورة أو فيديو يتضمن هجوما مسيئا يستهدف أي شخصية عامة.
(9) نشر الصور والفيديوهات الإباحية في مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير خطير، فهي تفسد السلوك والأخلاق وتقسي القلب، وإنها أيضا تؤدي إلى تخريب العقول، وخصوصا أن لها تأثير خطير على عقول فئة المراهقين والأطفال.
ونلاحظ في مثل هذه الأيام أن هناك بعض المتهورين لديهم حب الأستعراض لدرجة أن هذا الأمر يدفعهم إلى إيذاء الآخرين، ونشر فضائحهم والمواقف التي وقعوا فيها في المجتمع، ويعتبرون مثل هذا الأمر نوعا من البطولات.
فقد أكد علماء الدين والنفس والاجتماع والبحوثات العلمية أن العلاج الفعال لأصحاب الشهرة الزائفة والاستعراض والأنشطة غير اللائقة هو إعادة تأهليهم نفسيا وروحيا، وضبط النفس والتروي في اتخاذ القرارات قبل الإقدام على أي فعل معين، بالإضافة إلى ذلك إن للعبادات دورا كبيرا في تحسين ظروف وحياة المرء الذي لديه مشاكل نفسية وسلوكية يصعب علاجها.
ونظراً لما يحمله التخريب من آثار تدميرية على المجتمع، فقد أفتى الفقهاء من مختلف المذاهب الإسلامية بحرمة نشر الفساد في المجتمع، وذلك من أجل الحفاظ على أخلاقيات وسلوكيات وقيم ومبادئ أفراد وأهل وأبناء المجتمع من الوقوع في حبائل تخريب قيم المجتمع.
إن على جيل الشباب تحمل المسؤولية الكاملة، كما على أهل وأفراد المجتمع تحمل المسؤولية الاجتماعية، والابتعاد عن جميع الأفعال والأعمال الخادشة للحياء والآداب العامة، وبلا شك ولا ريب أن الوازع الديني يجعل الإنسان يتجنب الوقوع في بؤرة الفساد والتخلف عن الواقع، وإلا فإن الوصول إلى تلك الوسائل المحرمة أصبحت متاحة لدى الجميع، فإذا تعمد الشاب على أستخدامها، فإنه سيقع في قاع التخلف والجهل والفساد، وبذلك يخسر ذاته، وربما مستقبله.