كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين رافع السماء وداحي الأرض وهو على كل شئ قدير والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخير النبين طه الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين
(في الرضا او الكره الشهود او الغياب )
قال الأمام أبو جعفر محمد بن علي الجواد (ع)
(من شهد أمراً فكرهه كان كمن غاب عنه،ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده)
لعل مايدور في بال الكثير من الناس أن الشهود والحضور هو مايظهر ويرى بالعين والبصر هذا من الناحية المادية والحسية صحيح ولكن الحضور ومايعنيه ويهدفه هو مايجسد ويمثل في ذات الإنسان ومايقدره من رأي وموقف وحين ذلك يكون منه الحضور وبكل جلاء وإن لم يكن حاضرا وموجودا بجسده وبدنه والحال كذلك من لم يكن له موقف ولاراي اوله موقف اوراى لكنه ليس في الاتجاه الصحيح والسليم فانه يكون غائباً ومعدوماً وان كان جسده وبدنه حاضراً او موجوداً
اذن المعيار والميزان في الحضور او عدمه هو الرأي الحصيف والسديد او الرأي السيء والسفيه
ومن هنا يمكن القول بأن الحضور والشهود لأي امر انما يكون بالرفض له وكرهه فيكون بذلك غائبًا عنه وان حضر جسدًا وبدنًا
ولكن من يرضى بهذا الامر وغيره فيكون حاضرًا وشاهدًا له وان لم يكن موجودًا بشكله وجسده
فمن يكره الاشرار وافعالهم فهو غائب عنهم وبعيد وان كان منهم في قرب ووجود ومن احب ورضي بهم وبأفعالهم فهو منهم بحضور وشهود وان بعد ونأى عنهم بجسمه وبدنه
نعم يمكن ان نقول مهما بعدت المسافات والازمان وجرى ماجرى من اناس تلك الازمان والمسافات من اعمال وافعال فيكون الانسان المتأخر عن ذلك حاضرًا وشاهدًا وان لم يكن حاضرًا وموجودًا بهيكله وكيانه مادام راضياً ومحبًا لهم ولأعمالهم ومن كان رافضًا ومعترضًا لما كانوا عليه وفيه فهو يكون ابعد ما يكون منهم وان كان موجودًا في زمانهم ومكانهم
فكم هي الاحداث والوقائع تجري وتحدث فيكون الانسان كارهًا لها ولمحدثها فهو يعد غائبًا وبعيدًا عنها وان كان له بها قرب زماني او مكاني
ومن يرضى ويقبل بها فهو كمن حضرها وشهدها وهو شريك فيها وان كان غائبًا ببدنه وجسده
وهذا ما اشار اليه الامام محمد الجواد (ع) بقوله (من شهد أمراً فكرهه كان كمن غاب عنه،ومن غاب عن أمر فرضيه كان كمن شهده)
فمن يرفض ويكره افعال المعتدين والمجرمين والظالمين وان شهد وحضر ذلك فهو كمن غاب وبعد عنهم وعن افعالهم
ومن يرضى ويحب تلك الاعمال ورضي بها فهو شاهد وحاضر وشريك وان غاب وبعد
وعليه ينبغي للانسان السوي وصاحب الفهم والوعي ان يقرر اولاً ان يكون من اصحاب السلوك السليم والعقل الصحيح
وان يكون محبًا لاهل الخير والصلاح وان كان في بعد عنهم زمانًا او مكانًا
وان يكره السوء واهله وإن قرب به الزمان او المكان منهم ووجودهم
–
نسأل الله المولى الكريم ان يجعلنا من الذين يحبون الخير واهله وان كان في البين فاصل مكاني او زماني فنكون في محضرهم ومقامهم مهما جرى ووقع من فاصل
وان نكون من اهل الكره والبغض للشر واهله وان تقاربت المسافات والمقامات
ونكون بذلك قد وفقنا لتحقيق رضا الله تعالى وحبه
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ١١|٧|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس