دينية

كلمة الجمعة للشيخ حسين آل خميس

‏بسم الله الرحمن الرحيم
‏الحمد لله رب العالمين الذي لا مانع لمن اعطى ولا معطي لمن منع ولا مضل لمن هدى ولا هاد لمن ضل ‏والصلاة والسلام على الهادي للانام والمرشد من الظلام والداعي الى الكمال والتمام المصطفى محمد وآله الكرام الطيبين الطاهرين
(‏عبادة الفقه وفقه العبادة)
قال النبي الاكرم محمد(ص) (ماعبد الله بشيء افضل من الفقه في الدين)
الاشياء والامور التي يتعبد بها الى الله تعالى كثيرة وعديدة ومهمة ولكن ماهي اهم واعظم وافضل هي عبادة الفقه والمعرفة والادراك والاحاطة وهي ام العبادات وجامعتها وبها يتوصل الى الاطمئنان والتاكد من صحة ماسواها من العبادات والطاعات والقربات ومن هنا يتحتم ويقطع وقبل كل شيء من العبادات ان يشرع ويبدأ بهذه العبادة الكبرى وهذه الطاعة العظمى والتي عليها يكون رحى هذه العبادات وصحتها وقبولها ورضا الله بها كما يقول الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع)(ومن لم يتفقه في دينه لم يرضى الله له عملا)
فالفقه وعلمه عمدة العبادات وعمودها وبه تقبل العبادات والاعمال لدى الله تعالى ومن يسعى في تحصيل العلم واكتسابه انما يسعى في تحصيل واكتساب اعظم وافضل العبادات وبها يضمن صلاح وصحة وسلامة ما يعمله ويفعله من عبادات
فالارتباط بالدين والالتزام به انما يؤتى عبر التعرف عليه والوقوف على جوهره والالمام بمحتواه والمعرفة لمبناه اي الوقوف على الاركان التي يتكي عليها ويقوم والمسماة بأصول الدين من توحيد وعدل ونبوة وامامة ومعاد ثم الشروع في التعرف على الوجه الاخر للدين وهو الوجه الظاهر والذي به ينكشف الوجه الاول والمعبر عنه بفروع الدين من صلاة وصوم وحج وزكاة والخ ….
فالدين لا يمكن الوقوف على حقيقته الا بالوجهين معًا فمعرفة الدين واحكامه شيء كبير وانجاز عظيم وسعي جليل ولكن ماهو اعظم واجل هو الترجمة الواقعية والسيرة الجليلة لهذه المعرفة والاحاطة
وهذا ما عناه وقصده هذا الحديث المبارك عن رسول الله(ص)(ماعبد الله بشيء افضل من الفقه في الدين)
والفقه كل الفقه والفقيه كل الفقيه هو الاحاطة الواسعة والالمام المحكم بأحكام الدين وتشريعاته وحدوده واوامره والتجسيد الدقيق والالتزام البليغ بما يدعو ويريد
وبهذا يتحول الفقيه او المتفقه الى مدرسة متحركة وجامعة متنقلة يُرى الدين فيه ماثل والاسلام في ساحته متجلي كما هو حال وحقيقة من حمل الاسلام واحكامه وعمل بها ودعا اليها كرسول الله محمد(ص) ومن هو على سنخه ومثاله كعلي بن ابي طالب (ع) الذي حوى ووعى الاسلام وبكل قضاياه واحكامه ومسائله وحدوده فصار يتحرك وينطلق مع القرآن والاسلام ويتحرك القرآن والاسلام معه كما قالها رسول الله (ص) (علي مع القرآن والقرآن مع علي يدور معه حيث دار) (وعلي مع الحق والحق مع علي)
هكذا من يبتغي ويتطلع ان يكون فقيهًا او عالمًا ان يكون همه وطموحه ان يكون مع القرآن والحق وان يلتزم باحكامه ويعمل بأوامره ويدعو اليه ويدافع عنه ويسعى لحفظه واعلائه لينال اشرف العبادة وافضل القربات واجمل الحسنات لقول رسول الاسلام محمد(ص)(ماعبد الله بشيء افضل من الفقه في الدين)
والفقاهة في الدين انما تكون في معرفة احكامه والعمل بها والالتزام بحدودها والظهور بالمظهر اللائق والطيب المتفق وروح الدين من اخلاق عظيمة وسيرة جميلة ومعاملة حسنة
ليكسب بذلك حب الله تعالى وتوفيقه ولطفه اذ ان الله اذا ما احب عبدًا وارتضاه سهل عليه باب الفقاهة والتبصر في الدين والمعرفة لأحكامه اذ يقول الرسول الاكرم محمد(ص)(اذا اراد الله بعبد خيرًا فقهه في الدين وزهده في الدنيا وبصره عيوبه)
فمن رغب في افضل العبادة وتطلع الى حب الله ومالديه من خير وكرامة فالتفقه في دين الله هو السبيل الاسرع والطريق الاقرب

نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا لافضل العبادة وان يجعلنا من خيار خلقه المتفقهين في الدين والعاملين به والمتزهدين في الدنيا والمتبصرين في عيوبنا والساعين لاصلاح شؤوننا والداعين الى الخير والدالين عليه
إنه ربنا لطيف خبير والحمد لله رب العالمين
‏والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
‏كلمة الجمعة ٢٢|٧|١٤٤٠ هـ
‏الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى