دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي هو احب من كل حبيب واعز من كل عزيز واكرم من كل كريم واجود من كل جواد والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(اوثق عرى الايمان)
قال الامام ابو عبد الله جعفر بن محمد الصادق(ع)(من اوثق عرى الايمان:ان تحب في الله،وان تبغض في الله،وتعطي في الله،وتمنع في الله)
الامساك بالشيء والتمكن منه عادة مايكون عبر القبض بأطرافه وجوانبه او بعضها فالإمساك مثلاً بالكأس او الوعاء انما يتحقق عبر جوانبه او ماوضع فيه من عروة او اي وسيلة أخرى بها يتم الامساك
وهكذا الدين يمكن التمسك به عبر العروة التي وضعت للامساك به وهي التوحيد المتمثلة في الكفر بالطاغوت والايمان بالله تعالى لقوله تعالى في كتابه العزيز (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة|٢٥٦
والعروة التي تعني التوحيد والذي حاصله ومكنونه الكفر بالطاغوت من ناحية ومن ناحية اخرى الايمان بالله تعالى اي بين نفي واثبات عبر نفي الآلهة بكل انواعها واثبات الالوهية والايمان بالله تعالى وحده الجامعة لها في كلمة (لا اله الا الله)
وبعد التمسك بالعروةالوثقى التي تعني الايمان والاعتقاد بالله وبدينه يكون التوجه الى الآليات والدعائم الموثقة والمثبة لحقيقة العروة الوثقى والتي يكشف عن بعضها استاذ العلم ومعلم العقيدة ورائد الحكمة الامام جعفر بن محمد الصادق(ع)بقوله(من اوثق عرى الايمان:ان تحب في الله،وتبغض في الله وتعطي في الله،وتمنع في الله)
نعم وبكل يقين وتأكيد ان الايمان والتمسك بالعروة الوثقى انما يكون جلائه وظهوره الحقيقي يتمثل في حب الله تعالى واتباع رسوله وطاعته وحبه وحب من يحبه الله ورسوله كما يقول المولى تعالى (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) آل عمران | ٣١
فالحب لله تعالى انما يكون على ارض الواقع بعد تثبيته في اعماق القلوب وذلك بالطاعة والاتباع للرسول فيما يأمر وينهى من تشريع واحكام ومن حب وولاء لله وللرسول ومن يحبه الله ورسوله ولا سيما حامل راية الاسلام ولواء الرسول والذي قال عنه نبي الاسلام محمد(ص)(لأعطين الراية غدًا رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه)
ومن هنا من رام وابتغى الايمان على صفائه ونقائه واراد العروة الوثقى والتمسك بها فدربه ومسلكه الى ذلك هي ولاية امير الحق والايمان علي بن ابي طالب (ع) وحبه وطاعته والتي فيها وبها يكون الايمان كما يقول رسول الله(ص) (حب علي ايمان وبغضه كفر)
وكذلك يقول رسول الله (ص) لعلي(ع)(ياعلي لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا كافر)
بهذا يحقق الانسان المؤمن اولى دعائم العروة الوثقى بحبه لاولياء الله واحبابه
اي ان الحب انما يبديه الانسان في الله تعالى بجعل ذلك الحب لوجه الله تعالى من حيث حبه لهذا او ذلك انما لأنه من اهل حبه ورضاه
ولا يبتغي بهذا الحب شيئًا آخر من عاطفة او مصلحة او اي غرض آخر لا ينتهي الى رضا الله
ومع الحب ينبغي ان يكون البغض في الله لأعداء الله تعالى
وبهذا يتحقق ركني الولاية لله تعالى بالتولي لله ولاوليائه والتبري من اعدائه والبغض كما هو الحب في الله لا تشوبه شائبة الجهل والتعصب وانما متوج بتاج الحق والايمان اذ ان صاحب الايمان والحق انما يبتغي بحبه او بغضه الله تعالى وعلى هذا ينتهي الى حقيقة الايمان فهو يحب ابعد الخلق منه مادام على جادة الحق ومنهج الصلاح وكذلك يبغض اقرب الخلق منه في الله لابتعاده عن الحق وسقوطه في الفساد
ولا يتسنى للانسان الوصول الى لب الحقيقة وروح الايمان الا بهذا التصرف والسلوك كما يقول الامام جعفر بن محمد الصادق (ع)(لا يبلغ احدكم حقيقة الايمان حتى يحب ابعد الخلق منه في الله ويبغض اقرب الخلق منه في الله)
وكذلك من دعائم وجوانب عرى الايمان ان يكون البذل والعطاء او المنع والامساك في الله تعالى
فالعطاء لهذا او ذلك انما لأنه ينتهي الى مرضاة الله تعالى وحبه فهو في الله وسبيلة
وان كان من وصل اليه العطاء ابعد الخلق من المعطي
وكذلك المنع يكون في الله لمقتضى الممنوع من العطاء عدو لله ومحارب لدينه
ولذا يقتضي التنبه والدقة والوضوح في مواقفنا وقراراتنا من حيث الحب او البغض او العطاء او المنع والتي عليها يكون رحى الايمان وحقيقته

نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا للحب الصادق والبغض الواضح والعطاء او المنع الخالص لوجهه الكريم
إنه ولي التوفيق والهادي الى الرشاد
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٢٩|٣|١٤٤٠ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى