عندما نرسم السعادة
فاطمة جلال
لا تقل الرحلات المدرسية أهمية عن البرنامج الدراسي، حيث كانت تجربتي في دار رعاية المسنين في مدينة سيهات رائعة ومثمرة، فقد كانت الزيارة بإشراف المرشدة الطلابية. حيث بدأت رحلتنا من مدرستنا الابتدائية يوم الأحد الماضي في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحا بصحبة 20 من زميلاتي وثلاث معلمات، وعندما وصلنا إلى الدار استقبلتنا مجموعة من المشرفين اللذين رحبوا بنا وقاموا بتعريفنا على أهداف وشروط الدار الذي تأسس عام 1386 للهجرة.
ويسعى الدار إلى تهيئة البيئة المناسبة لفئة كبار السن وأولئك الذين لا تستطيع أسرهم رعايتهم، وذلك عبر توفير الرعاية اللازمة والعلاج، بالإضافة إلى إتاحة فرصة ممارسة بعض الأنشطة مثل الحياكة والرسم، وعلاوة على ذلك يصطحب الدار كبار السن للتنزه بين فتره وأخرى، حيث بدأ كمشروع صغير داخل خيمة يحتوي على 5 مسنين من الرجال بعدها ازداد عدد المسنين إلى ثلاثين رجل. ونظرًا لإزدياد عدد المسنين تم استئجار مبنى مستقل وبعدها انضمت مجموعة من السيدات المسنات، وهنا تم إنشاء قسمين قسم للرجال وقسم للنساء، حتى بات المبنى الآن يحتضن 28 رجل و12 امرأة.
لم يذهلنا هذا وحسب، فتجولنا بالمبنى وتعرفنا على بعض الحالات، حيث وجدنا حالات تخلف عقلي وأخرى زهايمر، كذلك شاهدنا حالة تبلغ من العمر 115 سنة وقد كانت طريحة الفراش وعاجزة عن المشي، ولكنها كانت قادرة على الإستجابة. وبعدها دخلنا إلى غرفة إحدى المسنات التي كانت تجلس على السرير ويظهر على وجهها الأسمر تجاعيد السنون، وقد وضعت على رأسها عصابة بنفسجية اللون وقمنا بإلقاء التحية عليها وقابلتنا بأحسن منها، حيث صافحتنا واحدة تلو الأخرى، وبدأت تغني لنا من الأهازيج الشعبية وختمتها بالدعاء لنا. ثم رأينا مسنة أخرى قد وضعت في غرفة العزل بسبب سلوكها العدواني مثل الضرب والصراخ ثم جاءت مسنة أخرى بيضاء البشرة مرتدية «مشمر» أبيض وقرأت لنا بعض السور القرآنية والأحاديث، وختمت حديثها قائلة: ”أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبيك“، وفي نهاية الزيارة قدمنا الهدايا لهذه الفئة كالسجادات وملابس خاصة بالصلاة.
وفي نهاية الرحلة، عرفت بأن هناك بعض الأسر والعوائل التي لا تستطيع رعاية كبار السن لظروفهم الخاصة وأن حكومتنا الرشيدة قد وفرت جهة تتكفل بهذه الفئة من المسنين. وأرى أنه يجب علينا جميعا دعم هذا الدور من خلال التطوع للعمل معهم وتقديم المساعدة.
وفي الختام أخص بالشكر إدارة المدرسة لمجهودها في التنسيق للزيارة المثمرة التي رسمت السعادة على فئة قد أوصى بها الرسول الأكرم صلّ الله عليه وآله وسلم في الحديث الشريف: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا».