دينية

كلمة الجمعة للشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي اعطى فأكرم وجاد وانعم والصلاة والسلام على سيد الرسل واكرم الخلق محمد وآله الطيبين الطاهرين
(اليقين بالخلف باعث للعطاء)
قال الامام جعفر بن محمد الصادق(ع)(من ايقن بالخلف جاد بالعطية)
العطاء يقابله المنع والعطاء له وجهان عطاء حسن وعطاء قبيح فالعطاء الحسن هو الذي يكون في سبيل الخير والصلاح واما العطاء السيء والقبيح هو الذي يكون في سبيل الشر والفساد والتبذير والاسراف والتلاعب بانعم الله ومن يقدم على هذا التصرف يعد في تقدير الله تعالى من اخوان الشياطين كما يقول الله تعالى في كتابه الكريم (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)الاسراء|٢٧
ويقول الامام الصادق (ع) في معنى الآية
(ولا تبذر تبذيرًا
من انفق شيئًا في غير طاعة فهو مبذر ومن انفق في سبيل الخير فهو مقتصد)
وكذلك المنع له وجهان،منع في وجه الخير ومنع في وجه الشر والذي يمنع العطاء في سبيل الخير انما يمنعه عن نفسه اذ ان الخير الذي يفعله الانسان انما يعود اثره عليه وكذلك حين يسيء وان كان في الظاهر انه قد فعله للغير سواء كان حسنًا او سيئًا لقول الله تعالى (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَاۚ)الاسراء|٧
ولذا ينبغي ان يحرص الانسان على صنع الاحسان والعطاء في سبيل الله
ويكون على حذر وحيطة وتنبه من الوقوع في مصيدة البخل والمنع في طاعة الله والانفاق والبذل في معصية الله تعالى كما ورد في الحديث المبارك عن الامام موسى الكاظم (ع)(إياك ان تمنع في طاعة الله فتنفق مثليه في معصية الله)
ومن هنا يقتضي التنبه الى قضية العطاء او المنع اي في اي مجال يعطي وفي اي مجال يمنع
فالعطاء كما مر يكون في طاعة الله وسبيله وكذلك المنع الذي يكون في غير سبيل الله اي في المعصية
وهذا انما يجري ويحدث عندما يقف الانسان على ثمرة العطاء ونتيجته وهذا ما يعبر عنه بالخلف والعوض كما يقول الامام جعفر بن محمد الصادق(ع)(من ايقن بالخلف جاد بالعطية)
فالذين هم على يقين من نتيجة ما يقدمون ويعملون تراهم على الدوام ومن دون تردد من الاقدام والعطاء والبذل
وهذا العطاء يبدأ معهم من اصغر وابسط الاشياء انتهاءً الى ماهو اكبر واعظم
يبدأ معهم بالمال والوقت الى ان ينتهي الى ماهو اعز وانفس وهي نفوسهم الغالية يقدمونها ويجودون بها في سبيل الله تعالى لما تحقق لديهم من علم ويقين بما سينالونه ويحصلون عليه بعد عطائهم وبذلهم ولما قدم لهم من وعد وضمان من الله تعالى حيث يقول في كتابه العزيز (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)التوبة|١١١
نعم فما بعد هذا العطاء عطاء ومابعد هذا الخلف والعوض خلف وعوض
حيث انهم جادوا وبأعز مالديهم وهي مهجهم وانفسهم
فكان من الله في قبال ذلك ان خلف عليهم وعوضهم بأثمن مالديه واعز ماعنده الا وهي الجنة والنعيم والسعادة والرضوان ولهذا ينبغي للانسان ان يكون لديه هذا التطلع والعزم في نيل وكسب مالدى الله تعالى من نعيم ورضوان وفوز وسعادة وذلك عبر بوابة العطاء والبذل في سبيل الله تعالى والتفاني في نصرة الدين والمبدأ وبكل ماعز وعظم
ليتحقق بذلك رضا الله ورضوانه ويغنم الانسان ويرضى بعطاء الله واكرامه
وذلك لقوله تعالى في كتابه الكريم (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبّه)البينة |٨
ومن هنا يكون الرضا بالرضا اي من يبتغي الرضا عن الله فليقدم هو اولاً رضا الله تعالى بطاعته وعبادته والعطاء في سبيله

نسأل الله المولى الكريم ان يمن علينا بعطائه وواسع منه ويوفقنا للعطاء في سبيله وان يرضا عنا ونرضا عنه
إنه ولي التوفيق وهو على كل شيء قدير
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٦|٤|١٤٤٠ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى