مقالات

لتكن مجالس التعزية … محطات روحية

رضي منصور العسيف

دخل مجلس التعزية.. لفت انتباهه مجموعة من المعزين يخرجون ضاحكين!!

تساءل مع نفسه: ربما أنا دخلت مكان آخر بالخطأ …كيف يكون مجلس تعزية وهناك من يضحك بهذه الصورة؟!!

جلس وسأل من بجانبه أهذا عزاء الحاج ( س ص ع )؟!

أجابه: نعم هذا هو.

بدأ يقرأ سورة الفاتحة… في هذه الأثناء سمع أحدهم يرتل القرآن ترتيلا… ارتاح لهذه التلاوة … ولكن ما هي إلا لحظات حتى سمع الأحاديث تملأ المكان ..

أراد أن يستمع لتلك التلاوة، ولكن لا فائدة فصخب الحضور حال دون ذلك!

سأل من بجانبه: لماذا هذا الحديث الجانبي؟ لماذا لا تستمع الناس لتلاوة القرآن بدلا من هذه الأحاديث الفارغة؟!

رد عليه مبتسماً: هذه عادتهم …

أكمل قراءة ما تيسر من القرآن.. عزى أهل المتوفي وخرج وفي سيارته صار يردد ما أقسى قلوبنا…

مظاهر وسلوكيات خاطئة

للأسف هناك العديد من السلوكيات والمظاهر الخاطئة التي يمارسها بعض المعزين نذكر منها:

الضحك: ليس من الذوق أن يضحك البعض في مجالس التعزية، فقد روي عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) أنه قال: ” ليس من الأدب إظهار الفرح عند المحزون”. (١).

وقد يكون المتوفي أو أحد أفراد أسرته ضمن (مجموعة) في وسائل التواصل الاجتماعي لذا ينبغي عدم إرسال أية مشاركات من شأنها أن تسبب إيذاء لمشاعر أهل الميت.

عدم استماع تلاوة القرآن، يقول تعالى: ” وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” الأعراف(204)

نظراً لأننا لا نعي حقيقة آيات القرآن وأنها كلام الله، ولأننا لا نشتاق لكلام الله فإننا لا نستمع إليها، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): ألا من اشتاق إلى الله فليستمع كلام الله (٢).

قال الإمام الصادق (عليه السلام) – لما سأله زرارة عن وجوب الإنصات والاستماع على من يسمع القرآن -: نعم، إذا قرئ القرآن عندك فقد وجب عليك الاستماع والإنصات (٣).

أجر التعزية

للتعزية أجر وثواب عظيم حيث ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عزى أخاه المؤمن في مصيبة كساه الله عز وجل حلة خضراء يحبر بها يوم القيامة.

قال الإمام علي (عليه السلام): التعزية تورث الجنة (٤).

مجالس التعزية محطة روحية

ينبغي أن تكون مجالس التعزية محطة للتزود الروحي، ففيها الموعظة، وفيها الدعاء، وفيها تلاوة القرآن وجميع هذه المفردات من شأنها أن تخلق الروحانية عند من يحضرها، بشرط أن يهيأ نفسه ويفتح قلبه للموعظة والتغيير الروحي.

قراءة القرآن بحزن

من العادات الجيدة التي يواظب عليها المؤمنون في مجالس التعزية أنهم يتلون آيات من القرآن الكريم، ولكن لتكن هذه القراءة قراءة التذكير والتركيز والتأثر والخشوع، فقد ورد عن النبيّ (ص): “من قرأ القرآن ولم يخضع لله ولم يرقّ قلبه ولا يكتسي حزناً ووجلاً في سرّه، فقد استهان بعظيم شأن الله تعالى، فانظر كيف تقرأ كتاب ربّك ومنشور ولايتك، وكيف تجيب أوامره ونواهيه وكيف تمتثل حدوده؟”(٥).

ختمة قرآنية

في الختام من المستحسن أن تكون هناك ختمة أوعدة ختمات قرآنية للمتوفي، بحيث يقرأ كل فرد من أفراد العائلة جزء من القرآن في مجلس التعزية.

الهوامش

١. تحف العقول، ص ٤٨٩

٢.ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٥٣١

٣.ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٥٣١

٤.ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ١٩٧٢

٥. البحار، ج82، ص43

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى