مقالات

عفاف 10


رضي منصور العسيف

قالت حوراء: بصراحة لا أعرف كيف ابدا معك الموضوع…
قلت لها: ليس بيننا حواجز… يمكنك الدخول في صلب الموضوع دون مقدمات …
قالت حوراء: هل توافقي على الزواج من أخي علي…
ضحكتُ، وقلت: قلتُ لك بدون مقدمات ولكن ليس بهذه الصورة الهجومية…زواج … هذا الموضوع يحتاج مقدمات وتهميدات….
ضحكت حوراء وقالت: قلتُ لك …ولكنك رفعت الحواجز…
قلت لها: لكن أخوك سبق وأن حضرنا حفلة قرانه قبل شهرين، أليس كذلك؟! مالذي حدث؟!
تنهدت حوراء وقالت: لم يحدث بينهما توافق… خلال الشهرين، كان أخي يسعى لأن يفهم زوجته، ولكنه لم يستطع ذلك، شخصيتها تختلف عنه تماماً… تفكيرهما مختلف تماماً، مزاجها يختلف عن مزاجه، لقد طلبت منه الطلاق…
قلت: أبهذه البساطة، الطلاق…
قالت حوراء: نعم لقد تحدثتُ معها، وحاولتُ التقريب بينهما، ولكنها متقلبة المزاج، متقلبة التفكير، تقاليدها تختلف عن تقاليدنا…
صمتتُ ثم قلت لها: هذا الموضوع يحتاج جلسات تفكير، ولكن هل يعرف أخوك عن حالتي الصحية؟!
أجابتني حوراء: نعم يعرف ذلك…
قلت: وهل تتوقعين أن تفكيرنا متقارب؟!
قالت: أنا أعرفك جيداً، وأعرف أخي، وليته سمع كلامي منذ البداية…
قلت: لا داعي لجلد الذات، الله يستر على عباده، وربما الخيرة فيما وقع، ولكن دعيني أفكر، وأفكر …
قالت حوراء: أتمنى أن لا يطول تفكيرك…
قلت: دعيني أفكر جيداً …
صرتُ أفكر في طلب حوراء، وكيف حدث الإنفصال بين الخطيبين بهذه السرعة، لماذا أصبحت الحياة الزوجية تحكمها المزاجية، والتسرع في اتخاذ القرارت، وعدم الاستشارة، نحن بحاجة إلى تعزيز ثقافة الحياة الزوجية من الألف إلى الياء…
في هذه الأثناء جاءت أمي وقالت: أراك تفكرين… ماذا تخططين؟!
قلت لها: بصراحة … لقد طلبت مني حوراء طلباً صعباً …
قالت أمي: ما هو هذا الطلب؟!
قلت: الزواج … طلبت مني الزواج من أخيها علي… لقد انفصل عن خطيبته بعد شهرين من كتابة عقد الزواج!
قالت أمي: عائلة حوراء عائلة محترمة، والأمر يعود إليك، إن كنت راغبة في الزواج أو لا.
قلت: سوف أتحدث مع أبي في الموضوع.
بعد يومين اتصلت حوراء، سألتني عن رأيي.
أجبتها: لقد تحدثتُ مع والداي، وقالا يمكن أن تحضروا لزيارتنا وتتحدثوا معنا بشكل رسمي.
قالت حوراء: على بركة الله سوف أحدث والداي وأخي ونرتب معكم موعد الزيارة.

………………….
تمت الزيارة، وتم الإتفاق على إكمال بقية الإجراءات الرسمية لكتابة عقد الزواج…
بعد الإنتهاء من كتابة عقد الزواج جلس معنا الشيخ (المأذون الشرعي) وقال: اسمحا لي بتقديم هذه النصيحة.. لكي تستمر حياتكما الزوجية بسعادة وهناء عليكما الإهتمام بـ:
الميمات : محبة، مودة، معرفة، مغفرة
الصادات: الصدق والصراحة، الصبر، الصفاء، الصداقة، الصحة.
التاءات: التعاون، التغافل، التفاهم، التراحم، التواضع، الترفيه.
بعد هذه الدورة التثقيفية المصغرة جلست مع علي وقلت له: هل تسمح لي أن أسألك سؤالا بسيطاً؟
أجابني والعرق يتصبب منه: تفضلي..
قلت له: أنت مهندس في شركة بترول، كم هو راتبك؟
ضحك وقال: ظننتك ستسأليني عن الخطوبة السابقة…
قلت: تلك فترة أنتهت لا داع أن نعود إليها…
ابتسم وقال: راتبي يكفينا نحن الأثنين ويمكننا أن ندخر جزء منه للمستقبل…
ابتسمت وقلت: هذه هي الصاد الأولى …. الصدق والصراحة … أنت دبلوماسي ناجح… هل تسمح بسؤال آخر؟!
ابتسم علي وقال هل نحن في مقابلة شخصية للحصول على وظيفة؟
ابتسمت وقلت: من هو صديقك المقرب؟
ابتسم علي وقال: الصديق المقرب هو الذي تشتاق إليه دائما، وتفرح بلقائه كلما التقيته، حتى لو في اليوم مرة أو مرتين. وبناء على ذلك فأنت يا زوجتي الحبيبة هو صديقي المقرب…. الصداقة بين الزوجين هي بمثابة المكون الأساسي الذي يساعد على نمو الحب والارتقاء بالعلاقة الزوجية لأعلى درجات الانسجام والود.
نظرت إليه، ابتسمت وقلت: أراك مثقفاً…
ضحك علي وقال: وهذه هي الصاد الثانية …
في ظهر اليوم الثاني أتصلت حوراء وقالت: ماذا فعلت بأخي؟! لم أره بهذه الصورة من قبل.
قلت: وكيف كان من قبل؟
قالت حوراء: كان صامتاً، يعود من العمل ويغلق عليه غرفته، وفي بعض الأحيان سريع الغضب، يغضب لأتفه الأسباب..
ضحكت وقلت: لم أفعل به شيئاً …
قالت حوراء لقد عاد للمنزل مبتسماً، لقد افتقدنا هذه الصورة، منذ شهور …
قلت: لقد اتفقنا أن نشعل شمعة … شمعة ابتسامة القلب، شمعة الإحترام، شمعة الخير، شمعة الآمال والأحلام … قررنا أن نشعل شمعة الحياة والسعادة.
قالت حوراء: أنت شمعة بذاتك، وربي يشعل شموع الفرح على حياتكما …
….. ….
مضت ستة أشهر على كتابة العقد وقد اتفقتُ مع علي على موعد الزواج، وقد تم الاستعداد من حجز الصالة وتأثيت الشقة، والضيافة وغيرها …
في إحدى الليالي وعندما خرج علي من المنزل، رن جرس البيت، نظرت لشاشة الكاميرا فوجدت رجلا، لم أستطع رؤية وجهه، كان ملتفتاً للخلف…
سالته من في الباب؟!
أجابني: أنا …
لم يكن الصوت غريباً عني … كأني أعرفه … سألته مرة أخرى … من أنت؟
أجابني افتحي الباب أيتها العفاف … الجو بارد جداً …

للقصة بقية

تعليق واحد

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى