مقالات

أعمال صغيرة..نتائج كبيرة

رضي منصور العسيف

في مجال العلاقات الاجتماعية والتعامل مع الناس نحتاج إلى لمسات صغيرة تحمل بين طياتها روحًا مؤثرة، تستطيع أن تؤسس وتقوي علاقات أفراد المجتمع مع بعضهم البعض.
لذلك علينا أن ننظر إلى قوة تأثير العمل وليس إلى حجمه، فكما يقول الإمام علي (عليه السلام): لا تستصغر شيئا من المعروف قدرت على اصطناعه إيثارا لما هو أكثر منه، فإن اليسير في حال الحاجة إليه أنفع لأهله من ذلك الكثير في حال الغناء عنه، واعمل لكل يوم بما فيه ترشد (1).
في هذه المقالة أود أن اشير إلى بعض الممارسات الصغيرة التي غفلنا عن ممارستها مع بعضنا البعض بسبب عدم معرفتنا بأثرها الإيجابي على علاقاتنا.

التحية … بركة وأنس
أتعلم ماذا تعني التحية عند دخولك للمنزل؟!
التحية هي السلام وهي الترحيب بمن في البيت وهي تعبير عن مدى الحب والشوق لهم، أو فرح برؤيتهم، وهي تعني أني قادم لهم بالأمن والأمان والمحبة والبركة، ولذا ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) – في قول الله عز وجل: * (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) * -: هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل، ثم يردون عليه، فهو سلامكم على أنفسكم (2).
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: إذا دخل أحدكم بيته فليسلم، فإنه ينزله البركة، وتؤنسه الملائكة (3).

رفع المعنويات
يحتاج كل فرد منا إلى تحفيز وتقدير ومكافأة لأجل استمرارية العمل والتقدم في الإنتاجية، وإن لم تتوفر المكافئات المادية فلا شك أن كلمة شكرًا لها مفعولها أيضا، فهي كلمة تجلب الارتياح النفسي وترفع المعنويات وتبث فيمن يسمعها روحًا جديدة وتشعره بالسعادة والرضا. كما أنها تزيد من الطاقة العاطفية للإنسان ، وتقلل من الشعور بالتوتر والعصبية.
وفي هذا الصدد يقول الإمام علي (عليه السلام): أطل يدك في مكافأة من أحسن إليك، فإن لم تقدر فلا أقل من أن تشكره (4).

قبلة الحب
نعم قبلة الحب هي إحدى التعابير الصادقة التي يحتاجها الكبير والصغير، فتقبيل الأطفال والتصابي لهم وغيرها من التصرفات والاهتمامات المعنوية والمادية تُثبت للأبناء معنى الحب والعطف، مما تؤدي إلى تعزيز العلاقة الإيجابية مع الأهل بشكل يساهم في تقوية الأواصر الأسرية.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبلوا أولادكم، فإن لكم بكل قبلة درجة في الجنة ما بين كل درجتين خمسمائة عام (5).
وكما أن (قبلة الولد رحمة) فإن (قبلة الوالدين عبادة) كما يقول الإمام علي (عليه السلام) (6)
كما أن هذه العادة البسيطة في شكلها إلا أنها تشع طاقة إيجابية في الجسد والروح والحياة في كلا الطرفين.

وهناك ممارسات سلبية صغيرة في شكلها ولكنها ذات تأثير كبير على الآخرين، وفي جانب العلاقات مع الوالدين تسمى عقوق، منها:

التأفف … عقوق
كلمة مكونة من حرفين (أ، ف) ولكنها تسبب جرحًت غائرًا في نفسية الأبوين يصعب علاجه بسهولة، فالأبوان عندما يكبران في السن يصبحان أكثر حساسية، فهما يتحسسان لأي كلمة تصدر من أبنائهما.
قال الإمام الصادق (عليه السلام): لو علم الله شيئا أدنى من ” أف ” لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق (7).
لذا لابد من مراعاة الكلمة الطيبة معها، وعدم اسماعهما ما يسبب لهما الهم والغم والحزن. يقول تعالى: (وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) الإسراء/23

النظرة … عقوق آخر
للعقوق صور متعددة منها الهجران والصمت السلبي مع الوالدين، والنظرات الماقته المليئة بالغيظ والغضب، وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق (عليه السلام): من العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحد النظر إليهما (8).
وكل عمل يسبب الحزن للوالدين فهو عقوق، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أحزن والديه فقد عقهما (9).

الهوامش:
1 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ١٩٣٦
2،3) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٣٤٩
4 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٧٢٠
5 ) مكارم الأخلاق – الشيخ الطبرسي – الصفحة ٢٢٠
6 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ٢٤٩٤
7 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٤ – الصفحة ٣٦٧٧
8،9 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٤ – الصفحة ٣٦٧٨

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى