دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين مرسل الخير ومحب الخير ومجزئ على الخير والصلاة والسلام على خير الخلق وعظيم الخُلق وشفيع الخلق المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(ليلة القدر وفضلها على الف شهر)
قال الله العزيز في كتابه الكريم
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) القدر|٣
قيام ليلة القدر والعمل فيها خير من قيام الف شهر ليس فيه ليلة القدر وصيامه
وذلك ان الاوقات انما يفضل بعضها على بعض بما يكون فيها من الخير ومن النفع ، فلما جعل الله الخير الكثير في ليلة القدر كانت خيرًا من الف شهر، لايكون فيها من الخير والبركة مايكون في هذه الليلة
ومن المؤكد ان الانسان من طبعه يبحث عن الاوقات والفرص التي تعود عليه بالخير وتكون عنده افضل من بقية الاوقات
وبالتالي يحرص كل الحرص على الاهتمام والعناية بها واحترامها
وهذا مايمكن ان يقدره الانسان من اوقات فيها ينال مايريده ويبتغيه ويصل الى مايرجوه ويتمناه
ولكن حين يختار الله لنا اوقات فيها مافيها من الخير يكون الامر خيرًا لنا وافضل مما نختار
وهذا ماجرى وحدث من تقدير الله لنا في افضل ليلة وهي خير من الف شهر يكسب فيه الانسان الخير والبركة والمغفرة كما يقول الرسول الاكرم محمد(ص)(من قام ليلة القدر ايمانًا واحتسابًا غفر له ماتقدم من ذنبه)
وبين هذا القيام والقيام في سبيل الله جهادًا فرق واسع وبون كبير
نعم الجهاد والمرابطة في سبيل الله امر عظيم وفعل جليل اذ به المكسبة للعزة والكرامة ونيل الاجر الكبير والثواب الجزيل ومع ماينتهيَ اليه ويصل من جزاء وثواب
الا انه لا يرتقي الى ماوصلت اليه ليلة القدر من خير وبركة وتمييز وتفضيل
وهذا ما اظهره الله تعالى وابانه الى نبيه محمد(ص) حيث ان ابن عباس قال: ذكر لرسول الله(ص) رجل من بني اسرائيل انه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله تعالى الف شهر، فعجب من ذلك رسول الله(ص) عجبًا شديدًا وتمنى ان يكون ذلك في امته ، فقال يارب جعلت امتي اقصر الناس اعمارًا واقلها اعمالًا ، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر ، وقال:ليلة القدر خير من الف شهر الذي حمل الاسرائيلي السلاح في سبيل الله لك ولأمتك من بعدك الى يوم القيامة في كل رمضان
وهنا الكلام لماذا صار فضل هذه الليلة خير من الف شهر؟
نعم مع ما في الالف شهر من خير وجهاد ومرابطة الا ان فضل ليلة القدر قد فاق على الف شهر
لما في هذه الليلة من تحقق امر هو اعظم وارفع من الف شهر
الا وهو نزول اعظم كتاب وافضل شريعة إنه كتاب الله العزيز القرآن الكريم حيث يقول تعالى في كتابه الكريم
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) القدر|١
والقرآن الكريم فيه كل شيء من احكام وحدود واوامر ونواهي وتوجيهات وارشادات بما فيه امر الجهاد والقتال
وهو احد فصول هذا الكتاب وفروعه
وعليه لا يكون الاصل الا مقدًما ومفضلاً على فروعه وفصوله
ومن هنا ينبغي التوجه والالتفات والوقوف وبكل ادراك لهذه الليلة بما فيها من العبادة والطاعة والدعاء والتهجد والتعظيم لله تعالى والثناء عليه
الا انه يستدعي الامر ان يكون الانسان على حالة من الادراك والاستيعاب لهذه الليلة وماحوته من امر عظيم
والالتفات لما قاله الله تعالى بحق هذه الليلة بقوله
(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) القدر|٢
فكأنه قال وما ادراك يامحمد ماخطر ليلة القدر وحرمتها وحرمت ما انزل فيها، وهذا حث على العبادة فيها واهم العبادات فيها هو الاكثار من تلاوة القرآن الكريم الذي انزل فيها
والسعي وبكل جد في ادراك آياته ومعرفة احكامه والالتزام بحدوده والعمل بأوامره وترك نواهيه والسير على هداه وهذه هي العبادة الكبرى

‏نسأل الله المولى العزيز أن يوفقنا لادراك ليلة القدر ومعرفة ما انزل فيها والعمل بكتاب الله
‏انه ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

‏كلمة الجمعة ٢٥|٩|١٤٤٠ هـ
‏الشيخ حسين مهدي آل خميس

زر الذهاب إلى الأعلى