دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي هدى من الضلال وانار من الظلام وندب للإيمان ونهى عن الجحود والصلاة والسلام على نور الانوار وسيد الاكوان وشفيع الانام المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(حقيقة الايمان في ثلاث)
قال الامام ابو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (؏)(لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى تكون فيه خصال ثلاث: الفقه في الدين ، وحسن التقدير في المعيشة ، والصبر على الرزايا)
بالإيمان يدرك الامان وينال الرضوان وتكسب الجنان وتكون النجاة من النيران
وانما الايمان في حقيقته وروحه ومعناه وجوهره ولبه ومقصده والايمان يتكئ ويستكمل وتظهر حقيقته على ثلاثة اعمدة وقوائم الا وهي (الفقه في الدين ، وحسن التقدير في المعيشة ، والصبر على الرزايا)
فالإيمان وان كان منشأه ومنطلقه الاقرار والاعتراف بالله تعالى الا انه لا تستكمل حقيقته ومعناه ولا تظهر رائحته وروحه الا حين تتوفر لدى صاحب الايمان ثلاث خصال وسمات بها ينال تكامله الايماني والاعتقادي الا وهي
١- العلم والفقه في الدين
٢- حسن التقدير في المعيشة
٣- الصبر على الرزايا
والفقه في الدين يعني التبصر في محتواه وجوهره بعد معرفة ظاهره وشكله ، ثم العمل والتطبيق له على ارض الواقع والتجسيد له على وفق ارادة مشرعه
اذ ان العالم كل العالم هو من يعمل بما علم والا من علم ولم يعمل بما علم يكون حاله حال الرامي بلا وتر كما هو الوارد في الحديث المبارك عن الامام الصادق (؏)(الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر) اي بلا نتيجة ولا ثمرة
وحتى لا يكون علمنا جهلاً ولا يقيننا شكًا لا بد من العمل به والتجسيد له والتنفيذ لمقتضاه والمضي على رشده وهداه والاطمئنان بحقيقته ومغزاه
ثم بعد هذا العلم والفقه والمعرفة ، الابحار في اعماق الحياة وبرؤية ثاقبة ونظرة صائبة وانطلاقة متوازنة والمتمثلة في حسن التقدير في المعيشة اي ان يكون من الوسطية في معاشه وانبساطه او انقباضه اي لا يبسط يده كل البسط ولا يقبضها كل القبض ، لا يقع ببسطه المطلق في الاسراف والتبذير وبالتالي السقوط في الحرام والذي يمكن ان يكون فيه سلب النعمة والحرمان
ولا بالقبض كل القبض فيحرم نفسه من لذة مايكون عنده من نعمة وخير او يفوته من الاجر والثواب مايقدمه ويبذله في سبيل الله وعباده
فإذا ما احسن التقدير والتصرف في معيشته انما يسفر ويكشف عن حسن وعيه وعلمه وبالتالي حقيقته وروح ايمانه
وبعد هذا يكون التوجه والانطلاق الى الخصلة والسمة الثالثة التي عبرها ينكشف الايمان بحقيقته وروحه ، الا وهي (الصبر على الرزايا) وكما هو معلوم ان الشكر على النعمة ايمان وهداية وسعة وزيادة كذلك هو الحال الصبر على الرزايا سبيل وطريق للافصاح عن الايمان وحقيقته اذ ان الصبر موقعه من الايمان كموقع الرأس من الجسد كما جاء في الحديث المبارك (الصبر من الايمان كالرأس من الجسد ، فمن لا صبر له لا ايمان له)
فحالة الانسان المؤمن في صبره واحتسابه في رزاياه ومصائبه افضل حالًا من صاحب النعمة وشكره لها
اذ ان المصاب الصابر يجرع مذاق مرارة المصيبة والبلاء بينما صاحب النعمة وان كان مؤمنًا شاكرًا الا انه في هناء وراحة في نعمته ورخائه
وعلى هذا فإن الصابر والشاكر هما من اهل رضوان الله وجنته
ومن هنا فإن مدارس العلم والمعرفة وعلى رأسها مدارس الانبياء والرسل انتهاء بمدرسة رسول الله محمد واهل بيته الاطهار (ص)
عمدت وشرعت وانطلقت لتحقق للانسان سعادته وفلاحه ونجاته وفوزه
وذلك من خلال ماتقدمه من عناية ورعاية واهتمام وتوجيه وتعليم وتثقيف وارشاد وتفقيه
وهاهي مدرسة الصادقين وقائدها ومؤسسها الامام ابو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (؏) اختزلت كل ما جاءت به المدارس السابقة من علوم ومعارف وتوجيهات وارشادات كل ذلك في سبيل انقاذ الانسان واسعاده من خلال ايقافه على الجوانب التي بها وعبرها ينال حقيقة الايمان وروحه ليصل بذلك الى رضا الله ورضوانه
وهذا ما وضعه بين ايدينا امام الصدق ومعلم الايمان الامام جعفر بن محمد الصادق وهو الناطق عن آباءه واجداده انتهاءً برب العزة والجلال الله تعالى ، فحري لمقامه ان ينال التسديد والتأييد من الله تعالى والاجلال والاكرام وان تكون مدرسته في موضع مفخرة واعتزاز عند كل نفس صالحة وطيبة وطالبة وراغبة في العلم والمعرفة .

نسأل الله المولى العليم ان يوفقنا للعلم والعمل الصالح وحسن التقدير في المعيشة والصبر على الرزايا
‏والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ٢٦|١٠|١٤٤١ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى