تجنب العدوات
رضي منصور العسيف
قال تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) فصلت (34)
سألته عن مدى ارتياحه في مقر عمله…
أجابني: العمل مريح إلا أن هناك شخص يعكرعليّ مزاجي بشكل يومي…
قلت له: لقد سبق أن حدثتني عنه منذ سنوات … ألا تزال العلاقة بينكما متوترة… ألم تجد حلاً لهذه العلاقة؟
أجابني: كلا …
قلت له: وكيف تستطيع العمل في بيئة تسودها مثل هذه الأجواء المشحونة بالسلبية والعداوة…؟
أجابني: لقد تعودت على هذه الأجواء ….
قلت له: هذا خطأ … عليك أن تفكر في الأجواء الأفضل … الأجواء التي تسعدك … وعند عودتك لمنزلك تكون مبتهجاً لا حاملاً معك هموم العمل وذلك الزميل …
فكر يا صديقي أن تجعل علاقتك بزملائك علاقة طيبة … واسع لحل الخلافات …ليس من الصحيح أن تبقى علاقتك بهذه الصورة السلبية… بادر بالتغيير…
ربما يكون لدى البعض منا عداوة مع بعض زملاء العمل، ربما هي اختلاف في وجهات النظر، وربما تكون لأسباب تافهة وربما هي منافسة من نوع ما ولكنها تحولت إلى عداوة…
في هذا المقال اذكر لكم بعض النقاط لعلها تكون خطوة أولية لتجنب العداوات سواء في مقر العمل أو الحياة الاجتماعية بشكل عام.
لا تعادي أحداً
قد لا تحبه … قد لا يتوافق معك في الرأي … قد لا يكون ملتزماً بعمله، كل هذه الاحتمالات لا تدعوك لمعاداة الآخرين، فـ ” معاداة الرجال من شيم الجهال” كما أن “رأس الجهل معاداة الناس” كما يقول الإمام علي (عليه السلام) (1).
إدارة مشاعر الغضب
يجب أن يحافظ الشخص على انفعالاته عندما يحاول عدوه إثارة أعصابه، مع الالتزام بالهدوء والثبات الانفعالي. كما يقول الإمام علي (عليه السلام): أقوى الناس من قوي على غضبه بحلمه. وعنه (عليه السلام): ضبط النفس عند حادث الغضب يؤمن مواقع العطب (2).
فلا تدع موقفاً ما يستفزك، كن منضبطاً وليس منفعلاً.
التجاهل الإيجابي
ونعني به البعد وتجنب ما يسبب الأذى ويؤثر على السلامة النفسية والمعنوية. وكذلك تجنب كل الآراء المحبطة التي تمنع من مواصلة العمل والحياة المهنية، وكذلك تجاهل الدخول في حوارات وجدالات بلا داعي. يقول الإمام علي (عليه السلام): لا حلم كالتغافل، لا عقل كالتجاهل (3).
قم باستصلاح الأعداء:
لا تدع العداوة تنمو ويصعب حلها بل عليك أن تسعى لإصلاحها بالطرق والأساليب الحكيمة كما يقول الإمام علي (عليه السلام): الاستصلاح للأعداء بحسن المقال وجميل الأفعال، أهون من ملاقاتهم ومغالبتهم بمضيض القتال (4).
اعفو عن عدوك
قال تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) [الشورى: 40]
ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): عليكم بالعفو، فإن العفو لا يزيد العبد إلا عزا، فتعافوا يعزكم الله (5).
لا تكن صلباً قاسياً فهذه صفات السلبيين بل عليك أن تمنح الأخرين التسامح والعفو…
اجعل قلبك نقياً خالياً من الأحقاد.. لتكون عزيزاً وأجرك على الله …
نتائج العداوة
لن تجني من العداوة سوى الأعباء النفسية والتوتر، وتشتت التفكير وإضاعة فرصة الاستمتاع بالعمل والتطور فيه.
ولا يتوقع كل من شحن نفسه بمعاداة الآخرين أن يقطف الورود والمحبة منهم بل سيحصد ما زرع كما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): “من زرع العداوة حصد ما بذر”. وفي نهاية المطاف فإن العدوات طريق الفشل كما قال الإمام علي (عليه السلام): من زرع العدوان حصد الخسران (6).
الهوامش:
1 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٣ – الصفحة ١٨٤٦
2 ) المصدر السابق، الصفحة ٢٢٦٦
3 ) المصدر السابق – الصفحة ٢٢٨٨
4 ) المصدر السابق – الصفحة ١٨٤٩
5 ) المصدر السابق – الصفحة ٢٠١٣
6 ) المصدر السابق – الصفحة ١٨٤٧