ألا تستحق ليالي القدر؟!
فؤاد الحمود
ليلة وصفها الله بأنها خير من ألف شهر، كيف لعبد فقير أن يتوصل إلى كنه معرفة حقيقتها؟!، تلك هي ليلة القدر والتي جاءت الروايات المتكثرة في تبيان وصفها وحالها.
وقد جرت سنة المؤمنين التعاقب على إحيائها بالعبادة بشتى صورها الواسعة والضيقة وبكل مصاديق التعبد والتقرب لله تعالى، بل يسعى المؤمنون للتفرغ لها لما يعلمون من عظم الثواب الجزيل الذي يحصلون عليه.
فلهذه الليالي خصائص تميزت بها؛ فمن نزول الملائكة والروح كما أبان الإمام الصادق عليه السلام في رواية أبي بصير عن الروح وهو خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل وهو من الملكوت.
أما السلام الدائم سواء سلام الملائكة على محيي تلك الليلة أو سلامة وخير ليلة القدر عن سواها وديمومة الزمان بالخير والبركة والنماء فيها حتى مطلع الفجر.
ومن موائز تلك الليلة أن فيها تعيين لمقدرات السنة؛ كما في الرواية عن أبي جعفر عليه السلام “يقدّر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل من خير وشر وطاعة ومعصية ومولود وأجل ورزق”.
ومن عظيم بركاتها تنزل الملائكة وهي إشارة إلى استمرار نزول الملائكة إلى يوم الدين، فيا ترى من هو المصداق الأتم الذي تتنزل الملائكة عليه كما كانت في حياة النبي صلى الله عليه وآله؟!
فهذه إشارة عقائدية مهمة يمكن استخلاصها وجعلها من خصائصها أي نزول الملائكة على الإمام الحجة عجل الله فرجه.
وقد جعلت لتلك الليلة علامات ذكرها الأعلام في مصنفاتهم كشروق الشمس دون شعاع حتى ترتفع في السماء وتكون فيها الرياح ساكنة وانشراح صدور المؤمنين وإقبالهم على العبادة.
ومن أعظم العبادات التي تؤدى فيها ترك المعاصي والتوجه لله بالدعاء والصلاة والأغسال على تفصيل عند الفقهاء.
وقد ذكرت الروايات أنها يؤتى بها في ثلاث ليالي من الشهر المبارك أي ليلة التاسع عشر والواحد والعشرون وفي الثلاث والعشرين منه.
هذه الموائز والخصائص لها أليست مدعاة إلى التهيئة النفسية والمكانية خصوصاً التخلص من التبعات التي تحرم المؤمن من الإقبال في تلك الليالي التي لا يعدلها شيء.
فالفرصة مؤاتية لاستثمار تلك الليالي على أحسن حال يحب أن يرانا الله عليها لأن الفرصة تمر مر السحاب.
فلنستبق الخيرات ولنسارع للمبرّات والعبادات في شهر الرحمات والبركات، يقول جل وعلا:
(وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
ويقول سبحانه وتعالى:
(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَ اتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ)
جعلنا الله وإياكم من المتقين الأبرار وحشرنا وإياكم مع الأطهار..