استقبال الشهر الفضيل .. الشيخ حسين آل خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي احاط بني الانسان بعنايته ورعاه بعين رعايته وجعل له دستورًا فيه سعادته وفلاحه والصوم احد منن ونعم الله تعالى ومنحه وبه تكون الوقاية والنجاة واكتساب رضا الله وجنانه والصلام والسلام على حبيب الله ورسوله المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
(كلمة الصوم وصوم الكلمة)
قال الامام ابو عبد الله جعفر بن محمد الصادق (؏)(اذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك ولا يكون يوم صومك كيوم فطرك)
الصوم احد الفرائض التي افترضها وكتبها الله تعالى على عباده وبالأخص المؤمنين منهم وضمنه رسالة وكلمة كما هو حال اي فريضة وحكم
ومن هنا ينبغي الالتفات والتنبه والتوجه والوقوف على تلك الرسالة والتقاطها وبكل جد وحزم والسير على وفق قصدها ومرادها فالاحكام والفرائض والاوامر والاقضية التي يشرعها الله تعالى ليس المبتغى منها ظاهرها وشكلها وقشرها ومشهدها وان كان ذلك مطلوب
الا ان المبتغى والمراد هو ما وراء هذه التشريعات والاحكام اي اقامتها وابانة روحها ومعناها
فالصوم كما هي الصلاة فيما يكون منها من انجاز وثمرة بعد ادائها واظهار قالبها الوقوف على قلبها وجوهرها ولبها ومعناها وبالتالي الرسالة الحقة من وراء هذه الفريضة وهي ضبط واصلاح وزكاة فاعلها والانتهاء عما حرم الله تعالى ونهى لقوله جل وعلا في كتابه الكريم (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۗ) العنكبوت |٤٥
هذه رسالة الصلاة وكلمتها والتي فيها وبها ينتهي المصلي الى ان يكون من صفاف الذين اقاموا الصلاة وصار الى ماهو مطلوب من الصلاح والتقى والمعتصم والممتنع من الفواحش والمنكرات والمعاصي والموبقات
وكذلك الصوم رسالته وكلمته ان يخلص الصائم ويمتنع عن المعاصي والذنوب والرذائل والخطايا كما يمتنع ويكف عن المطعم والمشرب وغيرها وما هذا الامتناع والكف والامساك الا الى الترقي والصعود الى ماهو اشد خطرًا وحرجًا الا وهو الكف عن المحارم والمآثم كما قال رسول الله (ص)(ان الصوم ليس من الطعام والشراب وانما جعل الله ذلك حجابًا عن سواهما من الفواحش من الفعل والقول يفطر الصائم ، ما اقل الصوام واكثر الجواع)
وقال امير المؤمنين علي بن ابي طالب (؏)(الصيام اجتناب المحارم كما يمتنع الرجل من الطعام والشراب)
نعم في مفاصل هذا الشهر الكريم يحرص الصائم ويتحرز وبكل دقة ان يؤدي الصيام وعلى وجهه السليم دونما وقوع او حدوث شيء يفسده ويبطله من طعام وشراب او اي عامل اخر مما حسب من المفطرات والمفسدات للصيام
وهذا أمر جميل وحسن ومهم ولكن ماهو اجمل واحسن واصون للصيام ان يتوقى الوقوع فيما هو اخطر واشد من الطعام والشراب الا وهي المحرمات بالأصل لا بالاستثناء كالكذب والفجور والفواحش والمنكرات والغيبة والنميمة وغيرها من الموبقات والجرائر والمساوئ وسوء السرائر
وهكذا ارادها الاسلام لاتباعه ان يكونوا بالصورة المشرقة والهيئة الطيبة بأعمالهم وافعالهم وعباداتهم وطاعاتهم وان تصوم جوارحهم وجوانحهم مع صيام افواههم واجوافهم وبذلك قال استاذ المعلمين وصادق القائلين الامام جعفر بن محمد الصادق (؏)(اذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك ولا يكون يوم صومك كيوم فطرك)
نعم انه الصوم الحق السليم اذا ما اقيم بهذه الكيفية والهيئة وعليه يحظى وبمشيئة الله تعالى بالقبول والرضا
وبهذا يسعنا ان نطلق الدعاء وعند الافطار ولدينا ولو قسطًا من الاطمئنان باستجابة الدعاء وقبول هذا الصيام حين نقول (اللهم لك صمنا وعلى رزقك افطرنا فتقبله منا انك انت السميع العليم)
–
نسأل الله المولى الكريم ان يوفقنا لصيامه وقيامه وتلاوة آياته والعمل بأحكامه وحفظ حرماته وتعظيم شأنه ومقاماته واحياء ايامه وساعاته وماتوفيقي الا بالله القوي العزيز
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الصوم ٣٠|٨|١٤٤٢
الشيخ حسين مهدي آل خميس