دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الذي جعل الإيمان حبّ والحبّ إيمان وجعل الإيمان طاعة وطهارة وصدق وصفاء والصلاة والسلام على الصادق الأمين والنبي الكريم المصطفى الحبيب محمد وآله الطيبين الطاهرين ..

"حبُّ الحسين من حبِّ الرسول"
قال الرسول الأكرم محمد ‘ص’ :(حُسين سبطٌ من الأسباط من أحبني فليُحبّ حسينًا )
حبّ الرسول حبّ الله وحبّ الله إتباع رسول الله ‘ص’ لقول الله تعالى في كتابه الكريم (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) آل عمران/٣١
والحبّ لايكون حُبًا صادقًا وسليمًا إلا إذا كان مقرونًا بالوفاء والإخلاص ،، والوفاء والإخلاص خلاصة الحبّ ونخبته ، وهذا إنما يتجلى حين يكون العمل والإلتزام والتجسيد لما يريده المحبوب فالله جلّ وعزّ يريد حبه ويبتغيه في إتباع رسوله والسمع والطاعة له إذ أن هذا ماهو إلا إستماع وإتباع وطاعة له تعالى وهكذا يكون الحبّ لمن يحبه رسول الله ويرتضيه ، لما هو عليه ذلك المحبوب من حبّ لله ولرسوله وحبّ الله له ورسوله ، وماكان هذا المحبوب محبوبًا إلا لأنه قد عمل والتزم بكل ماأمر به الله ورسوله واتبع الرسول في كل شأن من شؤون الدين فصار بهذا من الرسول بموضع لاتباعد عنه بمقام إلا أنه لا نبي بعده كما قالها رسول الله ‘ص’ لعلي ( ياعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) إذن علي هو محبوب الله ورسوله وبالتالي فهو له ما للرسول من مكانه واستخلاف وقيادة وإمامة وهذا هو الحبّ والإيمان الحقيقي والصادق لرسول الله ‘ص’ إذ يقول الرسول ‘ص’ 🙁 ما آمن بي من كفر بعلي ابن أبي طالب وما أحبني من أبغض علي ابن أبي طالب ) وقد قالها أيضًا ‘ص’ 🙁 حبّ علي إيمان وبغضه كفر) نعم الحبّ الصحيح والصادق إنما يتمثل في الحبّ والولاء والإتباع لعلي كما هو لله ورسوله ‘ص’ ثم بعد ذلك الإتباع والولاء لمن هم أهل لهذا المقام من الأئمة الذين نصّبهم واختارهم الله تعالى وأشار إليهم رسوله بعد علي أمير المؤمنين ألا وهم الإمامان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ومن بعدهم التسعة المعصومين من ذرية الحسين ‘ع’ فالحسين بعد جده وأبيه وأخيه الإمام والخليفة والذي بحبه والولاء له والإتباع لرشده وهداه حبًا وولاءًا وإتباعًا لله ورسوله ومن يقول غير هذا فإنه يذهب إلى حرمان نفسه من حبّ الله ورسوله وهذا هو المعنى الذي أشار إليه رسول الله ‘ص’ بقوله (من أحبني فليحبّ حسينًا)
هكذا هي بوابة حبّ الرسول واتباعه بحبّ الحسين واتباعه ، فالحبّ وبأجلى مصاديقه لايكون إلا بالإتباع والطاعة بعد إظهار ذلك بالقلب واللسان ، فحبّ القلب واللسان دون الولاء والإتباع لايكون حبًّا صادقًا ولاصحيحًا وإنما هو حبًّا واهمًا وكاذبًا ، وماتلك المقولة التي قالها الفرزدق للإمام الحسين ‘ع’ حين سأله عن أهل العراق فقال 🙁 قلوبهم معك وسيوفهم عليك)
فكيف يكون هذا الحبّ صادقًا وخالصًا؟
كلا إذ أن الحبّ لايكون صادقًا إلا بالقلب والموقف والإلتزام بخط من تحبّ وتحيى وتموت على ذلك ، وهذا ماظهر وبان من رجالات يحملون الصدق وحسن الولاء بقلوبهم ومواقفهم وقد أبدوا ذلك من خلال ماظهر على ألسنتهم وقلوبهم وإقدامهم حاملين أرواحهم على راحاتهم متسابقين ومتنافسين في الذود والدفاع عن إمامهم ولو تعرض كل واحد منهم للموت مرارًا وتكرارًا في سبيل نصرة إمامه والدفاع عنه وقد ظهر على لسان أحدهم ولشدة حبه وولائه وتفانيه للإمام أن تقدم للدفاع عن الإمام وهو نازعٌ لملابسه فقيل له أجننت ياجون ، فقال حبّ الحسين أجنني ، نعم هذا هو الحبّ السامي والرفيع وماكان هذا الحبّ أن يحدث إلا لأن هذا المحبوب أي الإمام الحسين ابن علي ‘ع’ تفانى وذاب حبًّا وإخلاصًا لربه تعالى وقد قالها صادقًا مخاطبًا ربه وخالقه (تركتُ الخلقَ طرَّاً في هواك، وايتمتُ العيال لكي اراك، فلو قطَّعتني في الحبِّ إرباً، لما مال الفؤاد إلى سواك) أيُّ حبّ هذا وأيُّ تعلقٍ يكون؟ إلا حبّ الأنبياء والرسل الذين أخلصوا وصدقوا بحبهم وولائهم وتضحياتهم لله تعالى فكان الإمام الحسين ‘ع’ بهذا الموقف والحبّ لله والذوبان أن ارتقى إلى أن يكون وارثًا للأنبياء والرسل ‘ع’ ..
كما ورد في الزيارة المباركة :(السَّلامُ عـَلَيـْكَ يا وارِثَ آدَمَ صـَفـُوةِ اللهِ السَّلامُ عـَلَيْكَ يا وارِثَ نـوُحٍ نَبــِيِ اللهِ السَّلامُ عـَلَيـْكَ يـا وارِثَ إبـراهيـمَ خـَليـلِ اللهِ السَّلامُ عـَلَيـْكَ يا وارِثَ موســى كـَليِم اللهِ السَّلامُ عـَلَيـْكَ يـا وارِثَ عـيـسى روُحِ الله السَّلامُ عـَلَيْكَ يا وارِثَ مـُحـَمـّدٍ حـَبـيبِ اللهِ السَّلامُ عـَلَيـْكَ يـا وارِثَ اَميرِ المُؤمِنينَ وَلَيِ اللهِ … الخ) هذا هو الميراث المقدس الذي ورثه الإمام الحسين ‘ع’ من جده وأبيه والسابقين من أنبياء الله ورسله ..
الحبّ والولاء والصدق والإخلاص لله تعالى والحفظ لرسالات الله تعالى والدفاع عنها والإقدام والفداء لسلامتها ولو كلفه ذلك قتله وقتل من معه من أهل بيته وصحبه الأوفياء الصادقين .

نسأل الله المولى الجليل أن يجعلنا من أحبابه وأحباب نبيه وأهل بيته الطاهرين لاسيما مولانا سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين ابن علي ‘ع’ إنه ربنا على كل شيء قدير..
والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

كلمة الجمعة ٥ /٨ / ١٤٤٢ ھ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى