دينية

كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين آل خميس

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي لا اله الا هو له الحمد في الاولى والآخرة وله الحكم واليه ترجعون والصلاة والسلام على الرسول المسدد والنبي المؤيد ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين
(كرامة المرأة كرامة)
قال الرسول الاكرم محمد (ص)(ما اكرم النساء الا كريم ولا اهانهن الا لئيم)
بقدر مايكون الانسان كريمًا ونبيلاً وعظيمًا وذو شأن رفيع عادة مايكون منه الاكرام والاحسان والمقابلة الطيبة للآخرين بما هو لائق بمقامه وشأنه لينال به الاكرام والاعظام والاحترام ولا تأتي الامور الا بمثلها فزارع الخير لا يقطف الا خيرًا وزارع الشر لا يحصد الا شرًا اذ انه مهما كان شأن اي انسان ومكانه ورصيده ومقامه حين يخلو من احترام الاخرين او يحط من شأنهم ويستهين بهم حاله يؤول الى ماكان منه تجاه الآخرين وان تراءى ظاهرًا انه رفيعًا وعظيمًا فالمنزلة العلمية والمكانة الاجتماعية والثروة والواسعة لا تصنع للانسان كرامة ومكانة الا اذا قرنت بالاكرام والاحترام للآخرين وحفظ حقوقهم واكرام شأنهم وغير ذلك فهو في الحظيظ وان علا على طبقات الجو فهو وضيع
فالكريم يعلو بالآخرين والآخرون يعلون به ويفخرون فالمجتمع الكريم هو ذلك المجتمع الذي يكرم جميع افراده بعضهم بعضًا فالمجتمع يتشكل ويتكون من عمودين وركنين احدهما يسمى الرجل والآخر يسمى المرأة فلا يمكن ان يقال عن اي مجتمع انه مجتمعًا كريمًا الا اذا اكرم فيه الجانبان والعمودان والركنان فاذا اكرم احدهما واهين الآخز فلا يسمى هذا المجتمع مجتمعًا كريمًا
اذ السبيل الصحيح والطريق السليم هو ان يكون الاكرام لكلي الطرفين اي ان الرجال يقتضي منهم ازداء الاكرام للنساء وكذلك من النساء الاكرام للرجال وحينها يقال عن هذا المجتمع مجتمعًا كريمًا
وحين كانت المجتمعات قبل الاسلام لا تعير اي اهتمام ولا عناية بالمرأة الا بما يحقق لهم رغباتهم وشهواتهم وهكذا كان في تقديرهم لها انها وجدت وخلقت لخدمة الرجل ونزواته ومايدور في خلده فهي عند هؤلاء وامثالهم ان المرأة لا موقع لها ولا مكان ولا رأي ولا نظر وبالتالي فهي محرومة الحقوق ومسحوقة الكرامة
ومع الاسف الشديد ان هذا التعاطي والتعامل احدث ثغرة كبيرة وشرخًا واسعًا في البناء الاجتماعي من حيث يعون او لا يعون ومن حيث يدركون او لا يدركون وقد عانت المرأة وعلى مر الزمن ماعانت من الاضطهاد والاهانة والمهانة والانكسار
ولما جاء الاسلام وقف وقفته الشامخة وقدم عنايته الواسعة واعطاها ماكانت محرومة منه من الحقوق والمكانة اللائقة والمناسبة لها ووجودها فاعتبرها انها تمثل الطرف الاخر للمجتمع والوجه المكمل له ومن دونها ومن دون دورها الفعال يقع المجتمع في هوة سحيقة وفي انحدار قاتل
فالاسلام اعطاها المكانة المناسبة لها والرسالة اللائقة بها فاعتبرها هي والرجل مكملين ومتممين لما القي على عاتقيهما من دور ومهمة
فصارت المرأة في نظر الاسلام انها شقيقة الرجل وشريكته في صناعة المجتمع الصالح والناهض فقال رسول الله (ص)(النساء شقائق الرجال)
واعطاها الاسلام ما اعطاها من الاعتبار والتقدير انها سبب لاكتساب الجنة ونيلها كما يقول الرسول (ص)(الجنة تحت اقدام الامهات)
فالاكرام الذي يمكن ان يقدمه الانسان للمرأة وينال به الجنة ان يظهر الاحترام اللائق والاعتبار المناسب لها ولدورها وفيما يمكن ان تقدمه من تربية الاجيال وصناعة الرجال ونصرة الرسالات
كما مثلته مجموعة من النساء اللواتي قامت بمثل هذا الدور والموقف من نصرة الدين والرسالة
ومثالًا لذلك في الاسلام ام المؤمنين وزوجة الرسول خديجة بنت خويلد(ع) التي حين نالت كرامتها واعتبارها انطلقت وبكل عزم ويقين في الاسهام في بناء المجتمع الصالح وان تكون الشريكة في ذلك مع زوجها وشريك حياتها رسول الله (ص)
وبهذا الموقف العظيم والمشاركة الجليلة حصل الاسلام على تقدمه ورفعته وبعدها جاءت ابنتها وثمرة فؤادها الزهراء البتول (؏) لتواصل الدور فكان موقفها ودورها لا يقل عن دور امها في نصرة الحق وامام زمانها كما فعلت امها بالأمس
وفي كل ذلك تحملوا ماتحملوا من الاذى وسوء الحال وبعد رحيلها واستشهادها آل الامر الى زينب الطهر والكرامة والبطولة
فكان الموقف هو الموقف والذي فيه تمثيل لنصرة الحق ومواجهة الباطل ومن بعدها الكثير من النساء اللواتي حملن مشعل الاسلام ونور الحق وقدمن للاسلام ماقدمن كأم البنين ووالدة العباس وزوجة امير المؤمنين فما كان تقديرها من زواجها من امير المؤمنين الا ان تكون ليس مجرد خدمة تقدمها وتقوم بها في حدود شخص امير المؤمنين وانما كانت تعني ما تقصد من الخدمة وهو خدمة الاسلام والحق الذي كان عليه امير المؤمنين وكذلك من العناية بأبناء امير المؤمنين (؏) لأنهم حملة راية الدين وحفظة الاسلام فترى ان حفظهم والعناية بهم هو حفظ الاسلام والعناية به
ولذلك قدمت ابناءها الاربعة فداءً للحسين (ع) الذي هو الممثل الشرعي والحقيقي للاسلام بعد جده وابيه (ص)
هكذا يكون الاكرام والاعظام للنساء اللواتي تقدمن وبكل كرامة وخفارة وعفة وطهارة في نصرة الدين واعلاء كلمته والاسهام في صناعة مجتمع تسوده الفضيلة وتعلوه الكرامة

نسأل الله العزيز الحكيم ان يجعلنا من اهل كرامته واهل طاعته واهل رضاه ورضوانه انه السميع العليم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

كلمة الجمعة ١٥|٦|١٤٤٢ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى