مقالات

تنمية الجانب الاجتماعي للطفل

رضي منصور العسيف

أحضر لهم الشاي والقهوة…
قال الضيف: أهذا حسن؟! لقد كبر ما شاء الله … ربي يحفظه …وتبلغ فيه …
قال الأب: نعم هذا حسن وهو الآن يدرس في الصف الرابع الابتدائي… الله يحفظ لك عيالك …
جلس حسن يستمع لحديثهما …
نظر إليه والده ثم قال: بابا حسن … إذهب لغرفتك والعب بالأيباد …
خرج حسن …
قال الضيف: لماذا هذا التصرف … لماذا لم تدعه يجلس معنا …
أجاب الأب: حتى نأخذ راحتنا في الحديث…
قال الضيف: أعذرني يا صديقي ولكنك سلبت من جلستنا نكهتها … إن أسلوبك هذا مع طفلك من شأنه أن يخلق منه شخصية انطوائية … هذه فرصة ممتازة أن يجلس طفلك معنا يستمع ويستفيد من أحاديثنا…

الإنسان اجتماعي بطبعه، لا يمكنه العيش وحيدًا، لما للعزلة والانطوائية من آثار سلبية على شخصية الإنسان بمختلف جوانبها.
ولذا لابد من تنمية الحس الاجتماعي في ذات الإنسان منذ الصغر من خلال عدة نقاط، نذكر منها:

الوالدين قدوة اجتماعية
تعني القدوة هنا أن يكون الوالدين مثالا يحتذى به في أفعالهما وتصرفاتهما، ويمتلكون مهارات اجتماعية، يتواصلون مع أبناء المجتمع بطريقة سليمة، يتعاونون مع أفراد المجتمع، ويمتلكون حسًا اجتماعيًا.
إن الطفل الذي ينشأ في بيئة تحمل تلك القيم الاجتماعية ويرى والديه يطبقون تلك القيم فإنه بلا شك سيتخذهم خير مثال وخير قدوة.

الصداقة الناجحة
قال الإمام علي عليه السلام في وصيته للحسن عليه السلام: سل عن الرفيق قبل الطريق… (1)
للصداقة أهميتها فهي تعمل على تنمية شخصية الطفل وتبعده عن العزلة، وتتغلب على الخجل والجبن والخوف الاجتماعي.
لذلك نجد الوالدين يشجعان طفلهما على عقد صداقات مع من حولهم من الأقارب والمعارف والأصدقاء، وفي مقابل هذا لا بد من مراقبة خط سير علاقة الصداقة، ولابد من الاطمئنان على حسن اختيار الطفل للصديق. يقول الإمام علي (عليه السلام): احذر مجالسة قرين السوء، فإنه يهلك مقارنه، ويردي مصاحبه (2).

تنمية صلة الرحم
علينا أن ننمي أطفالنا وننشئهم على حب أرحامهم و الحرص على التواصل معهم، ونشجعهم على زيارتهم من وقت لآخر، و الاتصال بهم، كما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): صلوا أرحامكم ولو بالسلام (3).
علينا أن ننشر رسائل إيجابية كثيرة لأبنائنا تحثهم على أهمية التواصل مع الأرحام وعدم مقاطعتهم مهما حدث من خلافات يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تقطع رحمك وإن قطعتك (4).
كما يجب الحرص على عقد لقاءات عائلية مستمرة، وغيرها من الرسائل الإيجابية.

العمل التطوعي الاجتماعي
قال الإمام علي (عليه السلام): فعل الخير ذخيرة باقية وثمرة زاكية (5).
لكي تنمي الحس الاجتماعي في نفس طفلك عليك أن تشركه في بعض الأدوار الاجتماعية والأعمال النافعة، من خلال:
دع طفلك يلتحق بإحدى اللجان الدينية.
دع طفلك يشارك في الحملات التطوعية التي تقام في المجتمع.
اصطحب طفلك لبعض البرامج التثقيفية التي تسهم في تنمية الثقافة التطوعية.
إن مثل هذه الأعمال من شأنها أن تساعد على تنمية القدرات الاجتماعيّة لدى طفلك، وتزيد ثقتهُ بنفسهِ، وتفجر طاقاته فيما يعود عليه وعلى مجتمعه بالخير والصلاح.

الهوامش:
1 ) بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٧٣ – الصفحة ٢٢٩
2 ) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٥٨٣
3) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٠٥٨
4) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ٢ – الصفحة ١٠٥٦
5) ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج ١ – الصفحة ٨٣٨

اترك تعليقاً

نص التعليق

زر الذهاب إلى الأعلى