كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي لا يخلو منه مكان ولا يحويه مكان وهو موجود في كل زمان ومكان وصاحب الامر منذ كان والصلاة والسلام على الرسول الامجد ابي القاسم محمد وآله الطيبين الطاهرين
(اي الاصحاب افضل)
قيل لرسول الله (ص): أي الاصحاب افضل ؟ فقال (ص): من اذا ذكرت اعانك واذا نسيت ذكرك . وقيل : اي الناس شر ؟ قال (ص): العلماء اذا فسدوا.
من الحسن بمكان ان تكون للانسان علاقات ووفرة اصحاب وكثرة اصدقاء ولكن ماهو احسن واجمل ان تلك العلاقات والصحبة والصداقة فيما تنتهي الى الله تعالى والى رضوانه ورضاه لانها عادة ماتدوم وتثبت بخلاف صحبة وعلاقة وصداقة المصالح والمنافع والارتباطات الدنيوية لانها تكون عرضة للانقطاع والتداعي ولأقل الأسباب واضعف الدواعي
فالدين الاسلامي يحث ويحرض على اقامة علاقات حسنة وطيبة بين بني الانسان عامة وبين بني الاسلام خاصة ويعتبرها انجازًا عظيمًا وتقدمًا واسعًا
ومهما اكثر الانسان من الاصحاب والاصدقاء وان اختلف معهم معتقده ودينه لا يفسد في الحال قضية لان الانفتاح على الآخرين سبيل للتفاهم والتقارب وابعاد نقاط الاختلاف والفرقة
فالصداقة مهما توسعت رقعتها وكثرت اعدادها الا انها تصبح قليلة ومحدودة كما يقول امير المؤمنين (؏)(لألف صديق قليل)
وفي المقابل ترى الاسلام يعتب على اتباعه في توانيهم وانحسارهم في علاقاتهم وصداقاتهم ويعتبرها عجزًا وضعفًا وضيقًا في الافق والادراك اذ يقول امير المؤمنين (؏)(العاجز من عجز عن اكتساب الاخوان والاعجز منه من ضيع من ظفر به منهم)
فالمؤمن ليس قويًا في دينه وايمانه وحسب وانما هو قوي في كل شيء في علاقاته وصداقاته وانفتاحاته
ومن هنا يمكن القول ان العلاقات لها جانبان ووجهان :
١-العلاقات على الجانب الخاص
٢- العلاقات على الجانب العام
نعم يمكن ان يستطيع الانسان ان يشكل له رصيدًا واسعًا من العلاقات والصداقات وهذا امر مهم وحسن ولكن ماهو اهم واحسن ان تكون له علاقات خاصة وصداقات خالصة عبرها يستعين بها ويتقوى ومن هنا قد ورد سؤال على رسول الله (ص) عن افضل الاصحاب ، فقال رسول الله (ص)(من اذا ذكرت اعانك واذا نسيت ذكرك)
نعم لا يكون الصاحب صاحبًا خالصًا وصديقًا وفيًا الا حين تظهر منه سمات الاخلاص والصدق والوفاء ليس في امور الحياة وقضاياها وحسب بل وفي شؤون الدين والاخرة وهو اهم واعظم وهكذا ورد في الحديث المبارك (ليس الصديق من صادقك وانما الصديق من صدقك)
اي من اخلص لك النصيحة وقدم لك المشورة وصدك عن المثلبة واعانك على الفضيلة ودعاك الى الخير كما يصنع لنفسه ويعتبر نفسك نفسه وروحك روحه فيقدم لك العون كما يقدمه لنفسه ويبعدك عن السوء كما يبتعد فهذا هو الصديق الذي عناه رسول الله واوضح نوعه بقوله (من اذا ذكرت اعانك واذا نسيت ذكرك)
اي اذا ذكرت الخير والاحسان اعانك على فعله وايجاده واذا ما نسيت او غفلت كان لك مذكرًا ومنبهًا
نعم هذا هو الصاحب والاصحاب الذين هم من يسعد الانسان بصحبتهم ومرافقتهم وهم بهذا يكونوا افضل الاصحاب واحسن الاصدقاء وفي المقابل من يكون اشر الناس واسوأ بني البشر اذا مافسدوا هم العلماء اذا ماسلكوا سبيل الفساد وطريق الانحراف اذ يقول الرسول محمد (ص) حين سئل عن شر الناس ، فقال (العلماء اذا فسدوا)
نعم العلماء بصلاحهم صلاح العالم وبفسادهم فساد العالم كما يقول رسول الله (ص)(اذا صلح العالِم صلح العالَم واذا فسد العالِم فسد العالَم،والعالم كالملح اذا فسد فسد معه كله شيء)
نعم يمكن ان يفسد انسان ما سواءً كان عابدًا او عابثًا الا ان فساده يكون في حدوده ومحطه ولكن حين يصلح العالم والعلماء تكون الناس تبعًا لها في صلاحهم وكذلك حين يرتطمون في هوة الفساد ويقعون في مكب الفجور تكون الكارثة عظيمة ويصبحون ليس اشرار وحسب بل اشر الناس واسوأ بني الانسان لانه كان المعول عليهم اصلاح الناس وانقاذهم ، واذا بهم يقعون فيما فيه الشر والسوء والانحطاط اذ ان المفترض ان يكون المداوي والمعالج والمربي والمعلم سليمًا ومعافى ومتربي وصالح وبها يكون حكيمًا ومعلمًا ومربيًا وبكل جدارة واكبار كما يقول الشاعر الصادق :
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيْرَهُ
هَلَّا لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنَى
كَيْمَا يَصِحُّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
وَأَرَاكَ تُصْلِحُ بِالرَّشَادِ عُقُولَنَا
أَبَدًا وَأَنْتَ مِنَ الرَّشَادِ عَقِيمُ
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يُقْبَلُ مَا تَقُولُ وَيُقْتَدَى
بِالعِلْمِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
نعم حين تصان وتحفظ امانة العلم والمعرفة تكون البشرية بخير وصلاح وهذا يعود الى صدق وصلاح من قام وتصدى لهذه الامانة وساندها .
–
نسأل الله المولى الكريم ان يجعلنا واهل العلم والمعرفة من اهل الصيانة والنزاهة والصلاح والاستقامة والسداد والسلامة
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الاطهار الميامين الطيبين
–
كلمة الجمعة ٨|٦|١٤٤٢ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس