كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي خلق فهدى والى الخير دعا وعن الشر نهى والصلاة والسلام على نور الانام والشفيع يوم القيام طه الامين سيد الاولين والاخرين محمد وآله الطيبين الطاهرين
(ولا دين لمن لا عقل له)
قال الرسول الاعظم محمد (ص)(انما يدرك الخير كله بالعقل ولا دين لمن لا عقل له)
من اراد الخير كله دنيا وأخرى فالعقل سبيله وطريقه ومسلكه الى نيله وحصوله
فالذين يتطلعون الى الخير والمجد والرقي والتقدم يسلكون الطرق والسبل التي عبرها يكون الوصول الى ذلك والحط في رحابه وسنامه نعم من الخير ان ينال ويحصل الانسان على بعض من المال والثروة والحطام او ما اشبه مما هو محتوى في الدنيا ولكن الخير وكل الخير ان يفوز الانسان بعقل راجع ولب حادق
اذ ان العقل الراجح واللب الحادق يأخذ بصاحبه الى ماهو احسن وافضل بخلاف من يكون تفكيره وتطلعه ان يحصل ويكسب امورًا محدودة وضيقة ينال بها ادنى الفضل والحسن
اذ ان الله اودع في فطرة الانسان ان يكون ذو تطلع اكمل ووضع اتم كما خلقه واوجده في احسن تقويم
والحصول على الدنيا ومافيها لا يحقق الكمال وجوانبه ولا يدرك بها كل الخير وصفحاته
فالخير كل الخير والكمال كل الكمال في العقل والعلم والمعرفة والحكمة اذ ان ثمرة العلم والمعرفة والحكمة هو العقل وبالتالي الخير والنعمة حيث ان الرسول محمد (ص) يقول (من اراد الدنيا فعليه بالعلم ومن اراد الاخرة فعليه بالعلم ومن ارادهما فعليه بالعلم)
وكل ذلك من الله تعالى ومعرفته والاقرار بوحدانيته والانابة اليه وعبوديته وبالعلم يوحد الله ويعبد كما يقول امير المؤمنين (؏)
وعلى متكئ العقل والعلم يكون الدين ومن دون ذلك يصبح الانسان بلا دين وان ظهر انه على دين ومعتقد كما يقول رسول الله (ص) (ولا دين لمن لا عقل له)
لان العقل يدعو الى الخير وينهى عن الشر ويشير الى الصلاح وينبذ الفساد ويرفع راية الصلاح ويناهض الحرب والعدوان
ومن يكون على هذا المسلك فهو ذو عقل وعلم وبالتالي فهو ذو دين
ومن دون ذاك اي من يكون ذو جهل وتعسف وشر وعدوان وتطاول وطغيان انما يكشف بذلك عن جهل متربع في راسه وحماقة في كيانه وسماجة في روحه وينتهي بهذا انه ليس له دين ولا مبدأ انما هو وحش بلباس بشر
فخير ماتحصل عليه وتناله الانسانية حين تكون عامرة بالعلم والعقل والمعرفة والحكمة
وبهذا تكون في مأمن وسلام من الشر والانحطاط والنقص والحرمان لان العلم والعقل يوفر عليها الكثير من الامكانيات والطاقات ويجنبها الكوارث والنكبات ويدر عليها الخيرات والثروات ويخلصها من الدواهي والازمات وهذا هو روح ولب الدعوات الالهية والنداءات الرسالية التي جاءت وفي جوانبها تحمل الخير والرحمة والسلامة والسعادة للبشرية وبالتالي الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة
لما في ذاك من تعانق العلم والعقل مع الدين والالتزام والعمل به وبروحه والتمثل بارادته والانطلاق نحو العبودية والطاعة لله تعالى والتطهر بين يديه بالتوبة والاستغفار والاصلاح وهذا ما جاء في خطاب احد انبياء الله تعالى وفيه يحتوي على كل نداء ودعوة من الدعوات الرسالية حيث يقول النبي هود (؏)(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُودًا قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْرارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) هود |٥٠-٥١-٥٢
افلا تعقلون افلا تعلمون وتعودون الى رشدكم وصلاحكم وتتوبوا الى بارئكم بصدق واخلاق فيرسل الله عليكم سماءه مدرارا ويزدكم قوة في عقولكم وافهامكم واقتصادكم ويصلح شانكم وبالكم
ولا تتولوا مجرمين اي لا تتحولوا بهذه النعم الى مرتع الجريمة ومستنقع الرذيلة فيحل عليكم غضبه وسخطه ويسلبكم نعمه ويحرمكم بركاته
فالحفاظ على النعم والابقاء عليها بل وزيادتها يكون عبر الالتزام بالدين والعمل باحكامه وتشريعاته والاستماع والاصغاء لنداء العقل والعلم ومجانبة الجهل واغلاق منافذه وسد ابوابه
وبهذا تكون الانسانية قد سلكت بعقلها وعلمها طريق ونهج ربها وصارت بذلك على دين وعقيدة وسلامة من امرها
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول العلم والعقل الحبيب المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ١|٦|١٤٤٢ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس