كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي بالجود وصف وبالعطاء عرف وبالخير ذكر والصلاة والسلام على خير الخلق وسيد البشر ابي القاسم محمد وآله مواطن الخير والبركة الطيبين الطاهرين
(الجود مجدًا والله يحب مكارم الاخلاق)
قال الرسول الاكرم محمد (ص)(ان الله خلق عبيدًا من خلقه لحوائج الناس يرغبون في المعروف ويعدون الجود مجدًا والله يحب مكارم الاخلاق)
ليس الناس فيما هم فيه في معايشهم سواء اذ هم فيما هم فيه على تفاوت فمنهم القوي ومنهم الضعيف ومنهم الغني ومنهم الفقير ومنهم العالم ومنهم الجاهل
ومن لطف الله تعالى وعنايته على عباده ان جعل من بينهم من يحمل في جنباته وجوانحه عواطف جياشة ورحمة دفاقة وعناية فائقة ومن هنا فإن البشرية لا بد وان تنتهي الى خير ورفاه وراحة واستقرار وبالخصوص عندما يتوسع وجود هذا الفريق وتنتشر رقعته وتتكاثر مساعيه واياديه وذلك انطلاقًا في تحقيق ارادة الله تعالى وقدرته من وجودهم وخلقتهم ليكونوا في اوسع مايكون من الرغبة والشوق في المعروف وصناعته وايجاده والدعوة اليه واعتباره سلمًا للمجد والفخر والاعتزاز والوصول به الى محبة الله تعالى ورضوانه هكذا يقولها رسول المعروف وقائد المعرفة محمد (ص)(ان الله خلق عبيدًا من خلقه لحوائج الناس يرغبون في المعروف ويعدون الجود مجدًا والله يحب مكارم الاخلاق)
نعم المجد كل المجد حين يحقق الانسان امانيه ومايكنه من طموح وتطلع ومن نجاح وارتقاء واعتلاء وارتفاع ولكن ماهو اعظم وارقى حين يضيف الى هذا المجد مجد الجود والمعروف والعطاء وذلك ماهم عليه من رغبة وطموح في اكتساب المراتب والمقامات في هذه الحياة في الوقت ذاته ونفسه يحملون روحًا وعزيمة في نيل مالدى الله تعالى من مقام وتكريم وذلك عبر الرغبة في المعروف والاحسان والاهتمام الواسع في تقديم ما امكن من بر ومعروف وفي كل المجالات ولا سيما بني الانسان الذين لم يسعفهم المجال
وهذا الجود والمعروف يعدونه ويحسبونه مجدًا وسلمًا وعلوًا وكرمًا واجرًا كما قال الامام علي بن موسى الرضا (؏)(لا تعدنّ مغرمًا ما ابتغيت به اجرًا وكرمًا)
وبهذا يصل صاحب المعروف الى موضع نعمة الله عليه واحسانه كما ورد في الحديث المبارك (حوائج الناس اليكم من نعم الله عليكم)
وبقضاء حوائج الناس وانعاشهم تدوم النعم وتتسع مجالاتها
هذا ما يكون في هذه الحياة القصيرة ولكن ماهو ادوم وابقى واهنا مايكون في دار البقاء والخلود نتيجةً وثمرةً لذلك المعروف اكتساب الامن والنجاة من النار ونيل الرحمة والرضوان والنعيم والجنان وهذا ماقطع به رسول الله (ص) وبشر به حيث انه قال (ان لله عبادًا يفزع اليهم الناس في حوائجهم اولئك هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة)
وكم هو الانسان حريصًا وحذرًا على امنه واطمئنانه ونجاته وفوزه في هذه الحياة فمن منطلق اوسع واشد ان يحصل على امنه واستقراره واطمئنانه في حياة الآخرة اذ ان مايحصل عليه من امن واطمئنان في هذه الدنيا مايقدمه من مساعي وجهود بسببها يصل الى مايريد ويتطلع
وهكذا هو الحال لمن يتطلع الى امنه واستقراره واطمئنانه ونجاته وفوزه وسعادته هو نفسه مايقدمه من مساعي وجهود ولكن من نوع آخر عبر مايقدمه من معروف واحسان الى عباد الله سواء بالعطاء والبذل او كف الاذى والعدوان عنهم وتوفير الامن والراحة لهم ليأتي آمنًا يوم الفزع الاكبر وهذا هو المسلك الذي عبره ومن خلاله يقف الانسان على مكارم الاخلاق لان من يرغب في المعروف وصناعته انما يجسد بذلك مكارم الاخلاق ومعالي المثل ويرتقون بمعروفهم الى المجد والسؤدد وبها ينالون محبة الله واحسانه لان الله تعالى يحب مكارم الاخلاق ويحب من يجسدها ويمثلها على ارض الواقع من الاحسان للنفس والاكرام لها بما يكون من احسان واكرام للآخرين وعناية وحنان عليهم
وهذا ما اطلقه وابداه رب الكون الله تعالى في كتابه المجيد حيث يقول (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ) الاسراء |٧
نعم مهما عمل الانسان من احسان او قدم من معروف انما يقدمه لنفسه وهكذا من يعمل سوءًا انما يعمله لنفسه حتى وان تراءى انه صنعه للغير الا ان عاقبته ستعود عليه يومًا من الايام ان لم يكن في هذه الدار ففي دار اخرى لا محال
–
نسأل الله المولى الجليل ان يجعلنا واياكم من اهل المعروف والاحسان وان يبعدنا واياكم عن المنكر والسوء انه ربنا السميع العليم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الاحسان والسلام محمد وآله الاطهار الكرام الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٢٤|٥|١٤٤٢هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس