الشيخ اليوسف : الكذب منبع الرذائل الأخلاقية
أكدّ الشيخ الدكتور عبدالله اليوسف أن الكذب منبع الكثير من الرذائل الأخلاقية كالالتواء، والتملق، والنفاق، والطمع، والحرص، وحب الدنيا، كما أنه منشأ العديد من المشاكل العائلية والاجتماعية بين الناس.
وقال: إن الكذب من أسوأ الرذائل الأخلاقية وأقبحها، وهو شين الأخلاق وأدناها، وهو من أعظم الخطايا، ولذا حرّمه الإسلام ومقت المتصفين به، لما له من آثار سلبية كثيرة، وتداعيات كبيرة على حياة الأفراد والمجتمعات الإنسانية.
وأوضح أن الكذب يؤدي إلى النفاق، وهو باب من أبوابه، لأن الكذب تزييف للواقع والحقيقة، فالواقع شيء والكلام شيء آخر يناقضه.
وشدّد على أن من خصال المؤمن أنه لا يكذب، لأن الكذب لا يجتمع مع الإيمان أبداً، وأن المؤمن قد يكون بخيلاً أو حريصاً أو جباناً ولكنه لا يكون كذّاباً كما يستفاد من الروايات الشريفة.
وأوضح أن الكذب قد يتحول إلى عادة متأصلة عند الكاذب، فيكثر من الكذب حتى يسمى كذّاباً، فيكذب في كل شيء، ولأي شيء، صغيراً كان أم كبيراً، حتى يكتب عند الله تعالى كذّاباً، ويعرف بين الناس بالكذّاب، ويفقد بذلك ثقة الآخرين به واحترامهم له؛ فالكذّاب لا يحظى بأي احترام أو تقدير أو مصداقية.
ولفت إلى أن من صفات الكذّاب التناقض في كلامه، لأنه ينسى ما قاله أولاً فيقول كلاماً آخر مما يؤدي إلى فضحه وانكشاف كذبه لمن لا يعرفه.
وقال: من أشد أنواع الكذب وأعظمه هو الكذب على الله ورسوله، فمن يكذب على الله تعالى بتحليل حرام أو تحريم حلال أو نسبة قول إلى الله افتراء فجزاؤه جهنم.
وأشار إلى أن الكذب عمداً على الله ورسوله والأئمة المعصومين من الكبائر، وهو من مفطرات الصوم، لأن الكذب عليهم له تأثيرات سلبية كبيرة على الأمة كلها، وقد يكون سبباً في ضلالها وانحرافها عن الصراط المستقيم.
وبيّن أن للكذب آثاراً معنوية وأدبية ومادية على الكاذب نفسه؛ فيفسد دينه، ويذهب بهاؤه، ويسودّ وجهه، هذا في الدنيا، وأما في الآخرة فله عقاب شديد، وجزاء أليم.
وأوضح أن من آثار الكذب المادية: انعدام الثقة بالكذّاب، فلا يصدق قوله أحد وإن نطق صدقاً؛ لاشتهاره بالكذب بين الناس؛ فلا يقيم أحد لكلامه وزناً، ولا لمقاله قيمة، ولا لمقامه اعتباراً، ولا لشخصيته احتراماً، فيسقط من أعين الناس كلهم، وينفر منه حتى القريب، ويتجنبه البعيد.
وعن الآثار الاجتماعية للكذب، قال الشيخ اليوسف: للكذب آثار اجتماعية عديدة، فهو يورث المشاكل والخصومات بين الناس، لأن الكذّاب يوقع الآخرين في أوهام كثيرة أو إبرام عقود وهمية أو انعدام الالتزام بما يتفق عليه بينه وبين الآخرين، مما يؤدي إلى الوقيعة والفتنة بين الناس، وينتج عنه العداوة والبغضاء والخصومة بينهم، وما يستتبعه ذلك من مشاكل اجتماعية كثيرة، والواقع الاجتماعي يشهد على مثل ذلك.
وتابع: هذا الأمر ينتج عنه ضعف ثقة الناس ببعضهم البعض، ويشيع بينهم حالة الشك والريبة والتوجس والتخوف، مما يضعف حالة التماسك والتعاضد بين مكونات المجتمع، ويتولد من هذا الأمر خللاً كبيراً في البنية الاجتماعية.
وقال: كفى بهذه الآثار السلبية والسيئة محفزاً وباعثاً للإنسان العاقل على ترك الكذب والتزام الصدق في كل أقواله وأفعاله، وأن يسعى إلى ترويض نفسه للتعود على ملازمة الصدق واجتناب الكذب، حتى يتدرب على قول الصدق دوماً.
وبيّن أن من سبل التخلص من رذيلة الكذب والتزين بفضيلة الصدق هو التفكر والتأمل في فضائل الصدق ومساوئ الكذب واستحضارهما دائماً، ومحاسبة النفس ومراقبتها، وكتابة ما قد يصدر عنه من «كذب» في كل يوم وفي كل أسبوع حتى يعزم على تركها.
ودعا إلى مصادقة الصادقين ومصاحبتهم، لأن ذلك يترك أثراً طيباً في النفس وعلى السلوك.