كلمة الجمعة لسماحة الشيخ حسين ال خميس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين الذي هو حبيب الصادقين ومحب الصادقين ومنجي الصادقين وناصر الصادقين والصلاة والسلام على الصادق الامين وخيرة الله في العالمين وسيد الآخرين والأولين الحبيب الرسول محمد وآله الطيبين الطاهرين
(احب عباد الله الى الله)
قال الرسول الاعظم محمد (ص)(احب عباد الله الى الله انفعهم لعباده واقومهم بحقه الذين يحبب اليهم المعروف وفعاله)
الحب لله من دواعي الخير ودوافع التوفيق وهذا لعله يكون فيه مافيه من الصعوبة ولكنه ليس بمستحيل او غير مقدور لانه مع العزم والقرار يمكن الوصول الى مايراد وهذا ما ورد في الحديث المبارك (مارام امرأ من امر الا ناله او دونه)
والحب هو كغيره من الامور التي يتراءى في بداية الامر انه تشوبه الصعوبة او تصحبه الاستحاله ولكنه سهل يسير مع العزم والاصرار والارادة والقوة كما ذكر في الاثر المبارك (ماضعف بدن عما قوي عليه النية)
اذ ان الاصل لدى الله تعالى تجاه عباده حبه لهم ورحمته ولذى خلقهم واوجدهم ويثبت هذا الحب ويدوم حين يقابل بحب مثله من قبل العباد اي حين تظهر منهم المحبة والتوجه الى من يحبهم وذلك عبر الاهتمام والعناية لما يريد ويأمر والعمل بما شرع وحكم والالتزام بشرائعه ورسالاته وبهذا تتحقق محبة الله ودوامها واذا ما اراد فريق من الخلق والعباد ان يرتقوا الى ماهو اعظم وارفع من الحب اي ليس الاقتصار على ان يكونوا محبوبين وحسب بل ان يكونوا احب العباد الى الله تعالى واكرم
هو ان يتقدموا الى امر وفعل آخر مضافًا مع ماسبق من حب الله وحب شرعه والعمل بحكمه وامره الا وهو القيام والاقدام على نفع العباد والعناية بهم والسعي في تحقيق حاجاتهم وحل قضاياهم وادخال السرور والبهجة على قلوبهم ومنع مايكدر خواطرهم وينكد صفو عيشهم وبهذا ينالوا لطف الله وعنايته وتوفيقه وتسديده ويصيروا بذلك وذا احب عباد الله الى الله واكرمهم لديه
نعم حب الله تعالى واكرامه انما يكتسب بهذا المسلك وبهذا المنفذ اي بحب الله تعالى والايمان به والعمل بشرعه والسير على هديه والتمسك بنهجه واظهار الرحمة والرأفة بعباده والسعي وبكل الطاقات والامكانات في اسعادهم وتأمين حاجاتهم وانارة دروبهم بالعلم والمعرفة والهداية والارشاد الى دين الله تعالى وعلى هذا قال الرسول الاكرم محمد (ص)(احب عباد الله الى الله انفعهم لعباده واقومهم بحقه الذين يحبب اليهم المعروف وفعاله)
نعم ان يكون العبد من احباب الله تعالى ومحبيه امر لا يصعب ولا يستحيل ولكن مايمكن ان يكون صعبًا او حتى مستحيلاً لدى فريق من الناس ان يكون من احب واكرم الناس لدى الله تعالى الا ان يتقوى ويستعين بوسيلة هي من اقوى واشد الوسائل الا وهي ان يحب عباد الله بعد حبه لله تعالى
وهذا يظهر عبر مايمثله ويجسده من عطف ولطف ونفع وعناية بعباده تعالى ويجعلهم يرفلون في بحر النعيم والهناء كما هو وبذلك يتهيأ ان يكون من احب واكرم العباد لله تعالى
وبعدها يحبب الله اليه المعروف وفعاله ويصير محبوبًا في السماء لدى الله تعالى كما هو محبوب في الارض لدى العباد وهكذا تعمر الاوطان وتزين البلدان بأهل الخير وصناع المعروف وتسود المحبة وتعم المودة وتهنأ الحياة وتزين الدنيا كما تزينت وتجملت برسول الانسانية ونبي الرحمة وداعية الخير وينبوع الاحسان وبحر المعروف وكنز الكرم ابي القاسم محمد (ص)
لقد ملأ الدنيا بمعروفه ومعارفه وعطائه واحسانه وجوده وكرمه وعفوه ورحمته كيف لا وهو رحمة الله الى العالمين وهو أحب الخلق لخالق الخلائق
وقد غمرت رحمته كل البشر بل كل الخلق وعم معروفه كل من في الوجود ومن هنا ندعو انفسنا وكل نفس تحمل ولو شيئًا بسيطًا من الادراك والوعي ان تجعل هذه الشخصية وهذه القامة التي لا تماثلها قامة انموذجًا ومثالاً وقدوةً في العطاء والمعروف والحب والاحسان والرحمة والعناية والعفو والكرم والكف عن الظلم والاساءة والجور والعدوان
لنكون اشبه الناس برسول الله في اخلاقه وتمثلاته وطهارة ذاته وسمو اعراقه كما قال عليه افضل صلاة المصلين : (الا اخبركم بأشبهكم بي اخلاقًا؟ قالوا : بلى يارسول الله . فقال (ص):احسنكم اخلاقًا واعظمكم حلمًا وابركم بقرابته واشدكم انصافًا من نفسه في الغضب والرضا)
نسأل الله المولى الكريم ان يجعلنا من احب عباده اليه وانفعنا لعباده وان يحبب الينا المعروف وفعاله وان يجعلنا من احباب نبيه واهل بيته والمتمثلين بمكارم اخلاقه
انه ربنا على كل شيء قدير وللدعاء مجيب والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلاة على بحر الكرم وسماء الرحمة محمد وآله الاطهار الطيبين الطاهرين
–
كلمة الجمعة ٢٥|٤|١٤٤٢ هـ
الشيخ حسين مهدي آل خميس